إن كانت المسألة إغلاق أبواب الافتتان بالأنثى قدر الإمكان، فيجدر البحث عن أكثر الأبواب إثارة للفتنة لإغلاقها والاكتفاء بذلك. لا يوجد اختلاف على وجوب ستر المناطق الحساسة في الجسد أمام الغرباء عند كل التجمعات البشرية المتحضرة، مع بعض التفاوت في التوصيفات النوعية للمناطق الحساسة التي يجب سترها. الكل يعرف ما هي المناطق الحساسة الأساسية. حتى الطفل بعد الرابعة يدرك ذلك بالغريزة قبل تعريفه تربويا ً بذلك.
بالرغم من الاجتهادات والاختلافات بين المجتمعات حول ذلك، يبقى مجال واسع للتحايل حتى في أشد المجتمعات محافظة. الرجل الذي يريد إظهار مغرياته الذكورية للأنثى يستطيع فتح واحد أو اثنين من أزرار صدره، أو تضييق ملابسه في أماكن معينة، أو نكش بعض خصلات شعره إن لم يكن أصلعا ً لتتدلى على جبينه، أو تشذيب لحيته وعارضيه وشنبه بطريقة سكسوكية، أو جعل ميزاب شماغه أحد من شفرة الحلاقة، أو تمييل عقاله خمسا ً وأربعين درجة، أو صبغ شعره إن كان أشيبا ً مع الاحتفاظ ببعض البياض في العارضين، وغير ذلك كثير. كل هذه محاولات إغراء أو إظهار مفاتن ذكورية، لكنها شائعة الانتشار، بمعنى أنه ولا حتى هيئة الاحتساب تستطيع الاحتجاج عليها ومنعها.
المرأة تستطيع أن تحقن وتكبر نهديها وردفيها لتبرزها بمسافات لافتة من تحت الملابس والعباءة، وتستطيع كف كميها عالية لتبرز ذراعيها البضتين وما تلبسه من الحلي والأساور، وتستطيع إطالة وصبغ أظافرها لتبدو للناظرين كشقائق النعمان ابن المنذر ابن ماء السماء والأرض، وغير ذلك كثير أيضا ً مما لا يحسن التمثل به لدواعي الحياء.
هذه كلها أيضا ً محاولات إغراء وإظهار مفاتن أنثوية شائعة الانتشار، أو على الأقل لا تخطئها العيون في كل مكان، بمعنى أنه ولا حتى هيئة الاحتساب تستطيع التدخل فيها بالتحريم أو المنع. ماذا بقي إذا ً من الجسد؟. يبقى الوجه وخصوصا ً وجه الأنثى، وبالتحديد في المجتمعات المسماة بالمحافظة. كملاحظة عابرة أرجو الانتباه إلى التوصيف بالمسماة، وليس بالمجتمعات المحافظة بإطلاق الوصف على علاته، فلماذا؟. لأن المجتمعات التي تترك نساءها داخل خلوات السيارات المظللة مع السائق الأجنبي في الليل والنهار، لكنها تركز على التضييق على الموظفات والبائعات في مراكز التسوق، ليست مجتمعات محافظة ولا حتى في أفضل افتراضات حسن النية.
أعود إلى الموضوع، موضوع المتبقي من الجسد الذي هو الوجه والتعامل معه في المجتمعات المسماة بالمحافظة. المعروف أن أرقى وأشهر أنواع الغزل في المرأة عند كل الحضارات البشرية يتركز على العيون، على فتنة العيون وقدرتها على الكلام الصامت وعلى إيحاءاتها اللامحدودة من كل نوع، سلبا ً وإيجاباً. يوجد بالفعل اتفاق بشري شامل على أن مركز الافتتان بالأنثى يقع في عينيها.
كذلك الإصابة بالحسد مركزه العين، وأيضا ً الزجر والازدراء والصد والقبول. جميع مخرجات القلب والعواطف والعقل والتفكير مصدرها في التنفيذ هو العين، وخصوصا ً عين المرأة.
على سبيل الافتراض العلمي، لو أجريت دراسة على عينة عشوائية من ألف امرأة في أي مجتمع، محافظ أو منفتح، هدفها تجميع نقاط القدرات على إحداث الافتتان أو الإغراء في الذكور، مرة وهن سافرات الوجوه وأخرى وهن منقبات لا يظهرن سوى العيون، ترى أين سوف تكون النسبة الأعلى للإغراء والافتتان؟.
أراهن على انخفاض النسبة بطريقة غير متوقعة عندما تكون الوجوه سافرة بالكامل. جمال الأنثى يتركز في عينيها، بكل ما تملكه العين من إمكانيات مقابل الأنف والفم والخدين بكل حظوظها المتواضعة من قصائد الغزل العالمي.
بناء على ذلك أقترح على من يهمه الأمر أن يستصدر إذنا ً بتغطية عيون النساء في المجتمعات المحافظة مع ترك الأنف والفم للتنفس والأكل، وربما للصراخ أيضا ً احتجاجا ً على المفاهيم المعكوسة لعفاف المرأة وقدراتها الشيطانية على العبث بعقول الذكور.
أكثر الصفات إزعاجا ً في الأنثى هي حاسة الشم وثرثرة الفم، ولا دخل للعينين في ذلك.
أصلاً، ما حاجة المرأة للعينين ما دام هناك ذكور يبصرونها ويبصرون لها بما فيه الكفاية؟ وهذا مجرد سؤال.