لا أنسى عند بدايات عملي الصحفي في جريدة الرياض، وبداية عملي الاجتماعي أيضاً في وزارة الشئون الاجتماعية حاولت تغطية قضية المخدرات صحفياً من ناحية خطورتها على استقرار الأسرة والمجتمع، لكن للأسف تم إيقاف نشر التقرير الميداني آنذاك والذي نقلت من خلاله صوراً كثيرة لأحد الأحياء الشعبية في الرياض خلال زيارتي مع فريق مؤسسة رعاية الفتيات لبعض أسر النزيلات والمقبوض عليهن في قضايا أخلاقية بسبب التعاطي والترويج للمخدرات. هذا الموقف تذكرته في مساء حفل تدشين الحملة التوعوية لمكافحة المخدرات تحت شعار «بتعاوننا نحمي أجيالنا « والذي صاحبه معرض لبعض الجهات ذات العلاقة بهذه الآفة التي سيطرت على كثير من قضايانا الأمنية والأسرية، وأثرت على استقرار الكثير من البيوت الآمنة لسيطرتها على عقول رجالها وشبابها ونسائها أيضاً.. وهذا هو المؤلم فعلاً عندما تدخل النساء في دوامة الإدمان نتيجة لتعرضها للاستغلال من رجل مدمن أو مروّج دخل حياتها وسحبها لمستنقع الإدمان تحت تأثير العواطف المزيفة، وأصبحت قضية المخدرات قضية وطنية بالدرجة الأولى وتستهدف أمن البلاد ومواطنيها، ويكفي ماشاهدناه في جناح مصلحة الجمارك من عرض لأساليب خطيرة يتم من خلالها تهريب المخدرات للداخل وبطرق لاتخطر على بال بشر حتى وصلت لجميع فئات المجتمع للأسف الشديد.. لذلك فإن إدمان النساء من القضايا الخطيرة أمنياً وأسرياً وأخلاقياً وجنائياً وتحتاج لتدخل قوي من الجهات المختصة للأسباب التالية:
- الملاحظ إن استغلال الفتيات في الترويج يتم من قبل أصدقائهن المروجين وتوزيعها في المدارس والأسواق، والفتيات يقمن بذلك خوفاً من خسارة هذا الصديق الذي تعلقت به عاطفياً وأشبع لديها احتياجات معينة افتقدتها في أسرتها، والمؤلم أن هذه الفتاة المضحوك عليها باسم «الحب الحالم» تستغل فتيات كثيرات وتشركهن معها في مصيبة التعاطي ثم الإدمان من خلال أساليب ملتوية ومحرمة تغفل عنها كثير من الأُسر وخاصة الأمهات الغافلات عن بناتهن!.
- أيضاً من السهل انجراف المرأة في مصيبة الإدمان تحت تأثير التعاطي مع زوج مدمن، أو أب خوفاً من تعرضها للتعنيف وإنقاذاً لنفسها واتقاء للفضيحة كما تعتقد.
- كثير من الأمهات يتحملن الأذى الواقع عليهن من أبنائهن، ويصمتن عن ذلك بكل ألم وحسرة، خوفاً من الفضيحة وإحساسهن بالفشل تجاه حماية أبنائهن من الوقوع في المخدرات، وأيضاً خوفاً من نتيجة تبليغهن عنهم لما قد يتعرضون له من حيث المساءلة القانونية، وهذا مما يساهم في تطور الوضع للأسوأ وتعرّض إحدى أخواته للتعاطي بهدف التقليد الآمن تحت مظلة أسرة سلبية ولا مبالية تجاه معالجة وضع أبنائها المتعاطين من بدايته.
- وكثير من الحالات المدمنة والتي لا يتم اكتشافها بسهولة قد يتعرض أطفالها لمشاكل صحية ونفسية مما يتطلب إنقاذهم.
- ولا ننسى القصور في الجهات العلاجية للنساء يحتاج إلى إعادة نظر وعدم الاكتفاء بما نحن عليه، لأنه لا يُشرف سمعة بلادنا الطبية، وخاصة في مجال «الإدمان» الذي أصبح معلناً للجميع وليس قبل سنوات نحاول مداراته وتغطيته تحت ستار، حتى انكشف البلاء بعد تطوره تطوراً تجاوز بشروره الأفراد حتى طال أمن البلاد، وقانا وإياكم شر المخدرات وويلاتها.