كان حدثاً بالغ الأهمية، والدلالات، وتطوراً مفاجئاً، تلك الدعوة التي وجهها وزير الخارجية السعودي -الأمير- سعود الفيصل إلى وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف؛ لزيارة السعودية، وإبراز تفاهم يشكل مظلة للاستقرار السياسي في المنطقة، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الإيرانية الخليجية، بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة، التي تقتضي تغيير بعض الاستراتيجيات، وتحديث بعض الأدوات؛ ليعقبه - بعد ذلك - الزيارة التاريخية - لسمو الأمير الشيخ - صباح الأحمد الجابر إلى إيران، التي تشير توقعات إلى أنها: ستشمل قضايا، وملفات خليجية، وإقليمية، ولا يمكن قراءة مؤشراتها الدقيقة تجاه مدى حصيلتها في التأثير في المواقف الإيرانية المعروفة إلا في مستقبل الأيام القادمة.
صحيح أن المسار المتأزم في العلاقات بين إيران، ودول الخليج العربي كان واضحاً في السنوات الأخيرة؛ حتى ذهب التصعيد إلى أبعد من المجال الديبلوماسي إلى التوتر العسكري، ومتجاوزاً كل الخطوط الحمراء، وصحيح -كذلك- أن السياسة الدولية قد انحرفت عن الميزان خلال الأحداث الجارية على الساحة، إلا أن إعادة فتح الأبواب أصبح خيار المرحلة القادمة، والمثقل بالملفات الأمنية الخليجية المشتركة، -إضافة - إلى الملفات الإقليمية، -خصوصاً- ملفات سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن، والمتداخلة ضمناً مع الملفات الأمنية، والمفتوحة على النفوذ الإيراني، الأمر الذي سيؤسس إلى حلول للأزمات في المناطق المتفجرة، أو المتوترة على مساحة العالم العربي -كله-، وسيؤدي في نهاية الأمر إلى ضرورة ترسيم حدود المنافذ، والمصالح.
عقلانية السياسة الخليجية أعطت -هذه المرة- الفرصة لإثبات حسن النوايا، والاحترام المتبادل، والعمل على عدم دفع الأمور إلى الأسوأ؛ ومن أجل قطع الطريق أمام خلق أي حالة توتر أكثر في المنطقة، -سواء- من ناحية مضمون الدعوة، الذي يهدف إلى تسوية الخلافات، أو من ناحية توقيتها - الإقليمي والدولي والنووي -، ولا يكون ذلك إلا بفتح قنوات الحوار معها؛ لتحقيق متطلبات أمن دول مجلس التعاون الخليجي، واستقرار المنطقة.
تحقيق الغاية المرجوة من هذه الدعوة، سيظهر تطوراً في العلاقات بين دول المنطقة، وسيسهم في نزع فتائل التوتر في المنطقة، وسيطفئ نار الفتنة - السنية الشيعية - التي اكتوينا بنارها. ومهما يكن من أمر، فإننا سنراقب بقدر كبير من التفاؤل، وقليل من اليأس، في أن تسفر تلك الجهود عن الخروج من الأزمات بأقل الخسائر - وحسب -.