دون البحث عن استثناء هنا، وهناك، فقد استبعد المتحدث الأمني في وزارة الداخلية -اللواء- منصور التركي، في محاضرة -قبل أيام-، بعنوان: «الحس الأمني.. والحماية الشخصية من المؤثرات الخارجية»، أن تكون هناك حاجة لحجب الإنترنت، أو حظره داخل المملكة، -معتبراً- أن قرارات الحجب «ليست إستراتيجية، أو أمنية، متى ما حصنا المجتمع التحصين الصحيح، فإننا لن نخشى شيئا على الإطلاق»؛
لتكون -في تقديري- هذه الكلمات، نقطة انطلاق يجب أن يؤسس عليها بناؤنا السياسي -كله-، وذلك من خلال الانتماء الصادق، والحس الوطني العميق، وتنمية الشعور الإيجابي في الحفاظ على مقدرات الأمة، ومن ذلك : الحفاظ على الأمن الفكري الذي جاء به الإسلام؛ ليحفظه على المسلمين.
الأمن، والاستقرار، من المقومات الأساسية التي تقوم عليها الدول، كما أنهما من المطالب الضرورية في الحياة ؛ ولأن بلادنا محسودة على ما تتمتع به من صفاء العقيدة، وسلامة المنهج، ووحدة الصف، في زمن يشهد كثيرا من الفتن، واضطراب الأمور، وتبدل مفاهيم بعض المخدوعين، وإشاعة البلبلة في المجتمعات الآمنة، -خصوصا- في أوقات ضعف الأمة، وكثرة المتربصين بها، فإن الواجب المفصلي في هذه المرحلة الحرجة، يقتضي إحباط المؤامرات، وإجهاض المخططات، عن طريق الوقوف على أسبابها، والصبر على غصص معالجتها؛ من أجل النهوض بالوطن إلى مرافئ الأمان، والاستقرار.
لا نريد أن يظل شبابنا -بالذات- في غياب دائم أمام مجمل القضايا الوطنية، أو أن يكونوا هدفا لصراعات حزبية، ومذهبية، وطائفية، ومناطقية ضيقة، من أصحاب النزعات المتطرفة، والذين يهدفون إلى تضليل الأجيال، وزرع حالة اليأس، والإحباط في نفوسهم. ومن هنا يأتي مشروع التصدي لمثل هذه الأفكار الظلامية، والقضاء على الأحلام المقيتة، والرامية إلى إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.
إن تحقيق الانسجام بين ما يؤمن به المجتمع، وبين ما يعيشه، وما يتطلع إليه، يقتضي تحصين الفكر من الانحراف؛ حتى وإن تعدد النسيج الفكري، والثقافي، والسياسي، والاجتماعي، لمختلف شرائح المجتمع، ولن يكون ذلك إلا وفق قاعدة حقيقية للقيم الوطنية، وانتهاج مبدأ الاعتدال، والوسطية، بعيدا عن كل أشكال الغلو، والعنف، والتطرف. والعمل -كذلك- على حمايته من لعبة التجاذبات السياسية الخارجية، والداعية -مع الأسف- إلى تمرير مشاريع استهداف الأمة في دينها، وعقيدتها، ووحدتها.