يبدو أن الصينيين في إقليم - شاندونغ - طبقوا المثل المصري الشهير (ابعد للشر وغني له)، فمنذ السبت الماضي يسود غضب عارم، وجدال ساخن - وسائل التواصل الاجتماعي - بسبب ردة الفعل (السلبية) وعدم تدخل الناس تجاه - مقتل فتاة - في مطعم وجبات سريعة، بعد ضربها حتى الموت، على يد جماعة - كنيسة الرب - الدينية المحظورة !.
الغضب واللوم وجه للمارة، وسكان مدينة تاشيوان شمالاً، لكونهم وقفوا متفرجين وبشكل سلبي، ولم يتدخلوا لمنع ضرب الفتاة، أو إيقاف الاعتداء عليها، عقب امتناعها عن تزويد الجناة برقم هاتفها، وقد عرض التليفزيون الصيني الرسمي مقاطع من الضرب، التقطتها - كاميرات المطعم - لدعوة بقية الناس للتعرف على المعتدين، ومساعدة الشرطة للوصول إليهم!.
سلبية الصينيين وعدم مبالاتهم، وتخوفهم من التدخل لمنع الاعتداء، لا تخصهم وحدهم، فقبل - عدة أشهر- شهدت حادثة (أبو ملعقة) الشهيرة بالرياض، ذات المشهد تقريباً، من عدم المبالاة، والاكتفاء بالتفرج، وتصوير الواقعه، والخوف من التدخل، ممن كانوا بالشارع لحظة وقوع الجريمة، ومثل هذه الظواهر جديرة بالدراسة والتحليل، لمعرفة هل السبب في هذه السلبية هو الخوف من المجرم، أم الخوف من تبعات التدخل في ظل غياب قانون يحمي الشخص الذي سيحاول منع وقوع الجريمة، أو ضبط الجاني ؟!.
بالطبع لا يمكن دعوة الناس للتدخل بالمطلق في كل الجرائم، حفاظاً على سلامتهم، ومنع تطور الجريمة، ووقوع مزيد من الضحايا، ولكن بالمقابل يجب إيجاد - آلية سليمة - تضمن التحرك والتصرف الإنساني والوطني والديني الصحيح، لكل من لديه نخوة من أفراد المجتمع وشاهد مثل هذا الموقف ؟!.
الحادثة الصينية هي خير دليل على أن - مشكلة السلبية - مشكلة عالمية، وتقع في كل المجتمعات الشهمة والأنانية، لكن الفرق بين ما حدث لدينا، وما حدث لديهم، أن وسائل الإعلام الصينية لم تهدأ منذ سقطت الفتاة، وتنوعت البرامج والحوارات لمناقشة ردة فعل الناس السلبية، وصدمة المجتمع مما حدث، وإيجاد حلول لضمان عدم تكرار ذلك، بينما نحن لم نعد نذكر من حادثة - أبو ملعقة - سوى تلك المقاطع التي صورها المتابعون - بدم بارد - ؟!.
من حق كل شخص أن يعرف الإجابة - الصحيحة والقانونية - للسؤال التالي (إذا رأيت جريمة تقع أمامي، ماذا أفعل) ؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.