كان مما أشرت إليه في هذه المقالة أن اشتراك أمريكا في القوات التي أخرجت قوات صدام من الكويت كان قصدها منه خدمة الدولة الصهيونية، وأن قضاءها على قوة العراق باحتلالها لذلك البلد العربي المسلم كان القصد منه، أيضاً، خدمة تلك الدولة الصهيونية.
والغريب أن يكون هناك انزلاق في الرؤية لدى بعض الكتَّاب من أُمَّتنا فيجارون إعلام أعدائها، فهناك من لا يَتورَّعون، ويقولون: إن إقدام أمريكا على ما أقدمت عليه كان لتحرير العراق.
وهناك من يقولون: إن أمريكا فقدت الكثير في احتلالها العراق؛ أرواحاً وأموالاً، وفاتهم أن يسألوا عن الهدف من ذلك الاحتلال.
ومن الواضح؛ بل مما اعترف عدد من زعماء أمريكا نفسها به أن الاحتلال كان خدمة للدولة الصهيونية.
وعلى هذا فأمريكا - في نظري لم تفشل في تحقيق هدفها؛ بل حَقَّقته كُلَّ التحقيق.
وكنت قد أشرت في هذه المقالة إلى شيء مما ارتكبه المحتلون للعراق من جرائم، وأَودُّ أن أضيف إلى ذلك الإشارة إلى أمر مهم جدّاً؛ وهو القضاء على علماء العراق البارزين.
وكان الصهاينة قد ارتكبوا ضد جنين جرائم بشعة. ومما قلته في مقالتي تلك:
«يا فَلُّوجة الصبر والإباء. يا أخت جنين المكلومة. خطبك أعظم من أن تُعبِّر عنه الكلمات. ومصابك أفدح من أن يُبِّن مداه إفصاح. يا فَلُّوجة الصبر والإباء.
يا أخت جنين العزَّة والصمود. مآسي أُمَّتنا الواحدة واحدة. والحديث عما وقع منها في تاريخنا المعاصر وحده يطول ويطول. الشبه بين مأساة هنا ومأساة هناك قد تختلف درجات قوته. لكن مأساتك هي مأساة أختك جنين، أو تكاد تكون هي.
يا فَلُّوجة الصبر والإباء. يا أخت جنين العِزَّة والصمود. تعجز الكلمات عن التعبير عن فظاعة الجرائم المرتكبة ضدك. ومن بينها دكٌّ لربوعك بمختلف آلات الحرب المُدمِّرة؛ جوّاً وأرضاً. وتهديم منازلك على من فيها؛ رجالاً ونساءً شيوخاً وأطفالاً وترك الشهداء من مقاوميك طعاماً للكلاب، وانتهاك لحرمة مساجدك. وكل هذه الجرائم غير مستغربة على جلاوزة الطغيان والاستكبار في الأرض. لكن الأَشدَّ إيلاماً أن يبيع أفراد من أرض الرافدين وطنهم بثمن بخس فيكونوا أَداة في أيدي المحتل لبلادهم».
وبعد عشر سنوات من كتابة تلك المقالة ها هي ذي الفلوجة يُبطَش بها وبأهلها بمختلف أنواع البطش تماماً كما فُعِل بها وبهم قبل عشر سنوات. كان قائد تلك الجرائم هو المحتل الغربي الأجنبي. والآن قائد البطش هو العراقي... الموالي لعدو أُمَّتنا الفارسي أو المُتصرِّف وفق إرادته.
لقد شغل نوري المالكي رئاسة مجلس وزراء العراق ثماني سنوات، فكان بئس الحاكم الدكتاتور. ومن المرجَّح جدّاً أنه سيبقى حاكماً أربع سنوات على الأَقلِّ. فأمريكا معه تُزوِّده بالطائرات المُتقدِّمة تقنيّاً، وإيران في حلف مصيري معه؛ وهي دولة قادتها ماهرون في المكر والخداع.
على أن الله -سبحانه- غالب على أمره، وهو القادر على أن ينصر المظلوم على الظالم.