الرجل الصالح يفتقد

منذ أيام ودع هذه الدنيا رجل عرفه القريب والبعيد بسمة اتفق الناس على تمييزه بها، فعبدالعزيز الخويطر - رحمه الله- كان عنوان للنزاهة والكياسة، عرفته عن بعد منذ فترة طويلة، ثم تكررت المقابلات كثيراً في ديوان الشيخ محمد أبا الخيل، وفي كل مرة يتحفنا - رحمه الله- بحديثه الشيق وعباراته اللطيفة فيهذب القول ويصوغ الحكم ويروي حكايات التجارب التي كانت له أو عاش بعضاً منها، عبدالعزيز الخويطر كان رجل صالح بكل ما تعنيه الكلمة، فقد عايش السادة والملوك وتربع فوق المناصب والمراتب العليا ولم تغيّر فيه طبيعته البسيطة أو لم تخف حقيقة تواضعه.

يتداول الناس قصة تقول «إن عبدالعزيز الخويطر - رحمه الله- عندما كان وزيراً للمعارف قدّم طلب مناقلة بعض البنود في ميزانية وزارة المعارف لوزارة المالية وبعد ذلك بأيام أناب وزير المالية آنذاك محمد أبا الخيل الوزير الخويطر في تسيير أعمال وزارة المالية لتمتعه بإجازته السنوية، وخلال تلك الإنابة عرض على الوزير الخويطر معاملة طلبه كوزير للمعارف فما كان منه إلا أن أشر عليها بعدم الموافقة «ذكرت هذه القصة له كما تروى في حضرة الشيخ محمد أبا الخيل فقال - رحمه الله- «القصة صحيحة، ولكن الناس لا يعلمون حيثياتها، فعندما قدمت الطلب كوزيرة للمعارف كان دوري يحتم علي أن أرعى المصلحة من جانب حاجة وزارة المعارف للمناقلة، وعندما أوكلت بعمل وزير المالية وعرضت علي المعاملة نظرت للمصلحة العامة من جانب دور وزارة المالية في حفظ المال العام وحسن تدبيره ووجود أولويات لا يتفق الطلب معها، لذا راعيت الأمانة في ما أوكلت لعلمي أن الشيخ محمد أبا الخيل لن يوافق على الطلب ولا يليق بي أن أطلب طلباً كوزير للمعارف وأوافق عليه كوزير للمالية وهذا ما حدث، وأصبحت قصة تروى «ثم التفت إلى الشيخ محمد أبا الخيل مبتسماً وقال «أما كنت ستفعل ما فعلت؟ « قال « بالتأكيد»، هذه القصة تروي بعضاً سماته - رحمه الله-، فالأمانة في الذمة والصدق في القول والإخلاص في العمل هي سجاياه التي حببت الناس فيه، فلا أعرف أحداً يحمل عليه ضغينة.

ونحن نفتقد اليوم هذا الرجل الصالح نرفع لله أكف الضراعة أن يضيفه في حسن جواره وأن يحسن العزاء لعائلته ويلهمهم الصبر والسلوان وأخص بالعزاء معالي الشيخ محمد أبا الخيل فقد كانت بينهما صداقة ومحبة وتقدير مشترك، فلا شك أنه فقد أخاً عزيزاً.