تعد مكة المكرمة أقدس مدينة لدى المسلمين، فيها المسجد الحرام والكعبة المشرفة التي شرفها الله كأول بناء في الجزيرة العربية وجعلها قبلة المسلمين في صلاتهم، ومهوى أفئدتهم التي تتوق نفس كل مسلم سوي لرؤيتها، وهي مركز الجاذبية الأرضية، وموضع مبارك لها حرمة عظيمة في الشرع، حيث أمر الله بتعظيمها وإجلالها، ورغّب بزيارتها وأوجب الطواف بها في الحج والعمرة، بل إن الحجَ ركنٌ من أركان الإسلام يجب على المسلم الإتيان به حال الاستطاعة.
ولا شك أن صورة الكعبة لا تبرح مخيلة أي مسلم، حتى أن كثيراً من المسلمين في جميع أصقاع العالم يعلّق لوحة جدارية بمنزله تحمل صورة الكعبة حباً لها وتقديساً وأنساً بمرآها.
والمملكة العربية السعودية كونها خادمة للإسلام والمسلمين، وتفخر بوجود الحرمين الشريفين ضمن حدودها الجغرافية والسياسية؛ فقد اهتم قادتها بالكعبة وكسوتها سنوياً بأجود أنواع الحرير وتشييد مصنع خاص لذلك، وحرصوا على وضع صورة الكعبة في جميع الأماكن الهامة وعلى أكبر فئة من النقود (500) ريال، وصورتها تسبق صورة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تقديراً وتقديساً لها وإعلاء لشأنها. بل إن الملك عبدالله حفظه الله أمر أن يلقب بـ(خادم الحرمين الشريفين).
والملاحظ في الآونة الأخيرة أن صورة ساعة مكة أصبحت تحتل مكانة كبيرة كمعلم في مكة المكرمة مع إهمال صورة الكعبة أو تجاهلها، وقد لا يكون تعمداً ولكنه -بلا ريب- أمر محزن ويثير الاستفزاز والغضب أن تستبدل صورة الحرم المكي والكعبة الشريفة بصورة (ساعة مكة)! ولا يعني ذلك التقليل من مشهد الساعة ذات البهاء والرونق والارتفاع الشاهق، ولكن تظل هيبة الكعبة ومنظرها وروحانيتها أقوى وأجمل وأبلغ في النفس.
والحق أنني أعجب حينما أجد لوحة مشتملة على معالم المدن السعودية، فأشاهد صورة برجي المملكة والفيصلية التجاريين كمعالم لمدينة الرياض، وصورة الساعة في مكة المكرمة مع إهمال معالم أهم مثل صورة الحرمين الشريفين ومباني الجامعات كمصدر إشعاع علمي وثقافي وجمالي أو بعض المعالم التاريخية كمدائن صالح وآثار العلا ودومة الجندل والأخدود وغيرها من المعالم الجميلة ذات البعد التاريخي أو الحضاري أو الثقافي.
وعليه أناشد المسؤولين بالتأكيد على وضع صورة الكعبة الشريفة كمعلم روحاني عالمي، وما تحمله تلك الصورة المشرقة من دلالة ومكانة وصدارة.