نبتلى بشكل شبه يومي بتصرفات ترفع الضغط، وتوتر الأعصاب، وتعكر المزاج وتفسد جماليات الحياة من حولنا. قد نقوم نحن أيضا من حيث لا نشعر بنفس التصرفات التي تؤذي مشاعر غيرنا. السبب وراء حدوث هذه السلوكيات في ظني أننا لا نضع أنفسنا مكان الآخر فإذا رفعت صوتك على شخص هل ترضى أن يرفع صوته عليك أو يسمعك كلاما نابيا، ولو عطلت مصالح إنسان هل يسعدك أن تعطل مصالحك من قبل آخرين؟.
قبل فترة خرجت من إحدى المؤسسات وكنت في مهمة عمل فوجدت أحدهم قد أوقف سيارته خلف سيارتي، يعني بالعامية الفصحى «سد علي». تصرف في منتهى قلة الوعي والأنانية. فجأة وجدت نفسي في موقف لا أحسد عليه. أعتقد أن كثيرين مروا بنفس الموقف «البايخ»، وذاقوا مرارته وربما وصلوا مع صاحب السلوك المشين إلى طرق مسدودة وفي أحسن الاحوال تنتهي المشكلة بملاسنات واتهامات متبادلة إلى آخر القائمة من النهايات التراجيدية.
في تلك اللحظات العصيبة لم أفكر إلا بإخراج سيارتي من الموقف غير ذلك لا أفكر فيه. وقف حولي بعض المارة استنكروا الموقف، ثم بدأ بعضهم مشكورين بطرح بعض الاقتراحات لحل الأزمة الطارئة التي ما كانت لتكون لو وضع الأخ « الجهبذ « نفسه مكاني وفكر بعواقبها علي. الاقتراحات كثيرة وكل يدلي بدلوه فقد تحول المكان إلى ورشة عمل ينضم إليها أي عابر لديه متسع من الوقت، وقد يؤجل بعضهم مشاغله من باب الفزعة لإنقاذ شخصي الضعيف والذي لاحول له ولا قوة فقد وضعت في موقف لا ذنب لي فيه.
من الاقتراحات التي طرحت حينها على طاولة النقاش الافتراضية المنصوبة وسط الشارع وأمام «الرايح والجاي « البحث عن صاحب السيارة الذي أجرم بحقي وأضاع وقتي وبدد أحلامي بقضاء أكثر من مشوار في ذلك اليوم الكئيب، ولأن هذا من رابع المستحيلات إذ كيف يمكن العثور عليه وسط هذه الصفوف الطويلة من المؤسسات والمحلات وهو شخص عابر وليس موظفا معروفا ولا يوجد مركز استعلام لإعلان رقم السيارة فكان لا بد من البحث عن حلول أخرى من قبل فريق العمل المتطوع. طرح مثلا اقتراح لسحب السيارة إلا أن هذا الاقتراح رفض بأغلبية ساحقة فمن سيتحمل تبعات السحب، فقد يلحق الضرر بالسيارة، وقد نخلق مشكلة أكبر « واللي فينا يكفينا «، لذلك اقترح أحدهم أن يتم الاتصال بالمرور، لكن اصحاب الخبرة في هذا الشأن رأوا عدم الأخذ بهذا المقترح فماذا عسى المرور أن يفعل وربما يؤدي حضوره إلى إهدار مزيد من الوقت، وبينما نحن منهمكون لحل المشكلة جاء صاحب السيارة وصانع المشكلة، وبكل برود وبدلا من الاعتذار بدأ بتهوين الأمر وأن هذا كثيرا ما يحدث، وقال موجها حديثه لي كلاما كثيرا ومنه مثلا أني رجل مستعجل وغير صبور وجمعت الناس على « لاشيء «، وأن إضاعته لأكثر من ساعة أمر طبيعي، أما إضاعة وقته هو فمسألة فيها نظر، وقتها فرحت بمقدمه غير الميمون وطلبت منه تكرما إبعاد سيارته لأتمكن من الهرب من المكان لألحق على بعض شئوني المتعطلة بأمر تعاسته.
ترى ماذا سيكون وضع أخينا لوكان في موقفي؟ هل سيتعامل بنفس البرود؟.