اهتمام كبريات الصحف العالمية يتحول من السياسة إلى الاقتصاد تدريجياً، وتحديداً نحو حياة الأفراد المعيشية؟!.
الهدف هو القرب أكثر من المتلقي، ومحاولة تخصيص نوافذ تقدم ما يهم ويؤثر في حياته المباشرة، مع الحفاظ على تناول أبرز الأخبار السياسية والعالمية التي يتراجع الاهتمام بها نسبياً، في السابق لم يكن دارجاً أن تتحدث صحيفة مثل (نيويورك تايمز) عن الراتب أو الأجر الذي يتقاضاه الجامعي أو من يحمل شهادة الثانوية في المجتمع الأمريكي، إلا أن الاهتمام والتحول لدى القارئ يجبرها على فعل ذلك وأكثر!.
بالطبع الشريحة الكبرى من متابعي وسائل الإعلام في أمريكا، يبحثون عن الأخبار التي تهم شأنهم اليومي والداخلي أكثر من متابعة ما يحدث في العالم الخارجي، مع بقاء نسبة محدودة من المتابعين والمهتمين بالطبع، وهذه بالمناسبة ليست قضية جديدة، بل يعرفها المتخصصون والدارسون في مجال الإعلام، لذلك تحدثت الصحيفة بإسهاب عن فرق الأجور وكيفية مضاعفتها، بل تبعد أكثر نحو تقديم قراءات مستقبلية حول الانفاق المتوقع وأين ستخلق الفرص الوظيفية الجديدة، ليتخصص الطلاب في مجالات واعدة عند التخرج من أجل تحسين معيشتهم؟!.
هذا الأمر يغيب عن معظم الصحف العربية التي لازالت تعطي مساحة أكبر للأحداث السياسية والتقلبات العالمية هنا وهناك، وقد يكون المتلقي العربي هو السبب، فالعرب بطبعهم يحبون جلب (الصداع) بالتحليل والتفسير لما يجري عند غيرهم، ويتركون ما يهم حياتهم المباشرة، واعتقد أن أكثر المحللين السياسيين والاقتصاديين هم (المشاهدون والقراء العرب) أنفسهم؟!.
أعتقد أن تقديم وجبات إعلامية محلية، كبدائل مؤثرة في الحياة اليومية للمتلقي العربي أجدى وأنفع كثيراً من البقاء بالصيغ السابقة والتي تهتم بشأن العالمي، على حساب الواقع العربي المعاش!.
بكل تأكيد المواطن العربي يهتم أكثر (بالخبر المحلي) المؤثر في حياته ومعيشته اليومية، متى ما وجده يقدم بشفافية، ويحلل بواقعية؟!.
الرهان على زيادة نسبة المقروئية والحفاظ عليها بيد وسائل الإعلام التقليدية متى ما قررت التحول نحو معيشة الناس بالداخل بشكل أكبر وأوسع، وتخصيص نوافذ مباشرة، بدلاً من النظر من خلف زجاجة بانورامية للخارج، وهذا ما يقوم به الإعلام الجديد القادر على نقل الخارج بسرعة فائقة!.
الناس تتعلق أكبر بمن يتحدث عن (لقمة العيش)!.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،