يحدث أن تشاطر حياتك مع إنسان تحترمه.. ويحدث أن تبقى مع شخص ترتاح معه أياً كان مصدر الراحة.. ويحدث أيضاً أن تعيش فوق العمر عمراً مع إنسان لا تعرف تحديداً لماذا تبقى معه.. غير أن العادة وروتين الحياة المرتبط به.. صيره بطلا رئيسيا في مسرح حياتك .. هكذا جمعتكم الصدفة كالوجود الذي لن تتعب رأسك بالبحث عن ماهيته.. إنما قبلت بتحليل جاهز معلب.. ولست مستعداً لصداع الأسئلة التي تنثر الشوك في مجلسك ومرقدك ورحلة بحث ليس لها خارطة.
لكن الذي لن يحدث أبداً.. أن تكون كل تلك الاحتمالات خالية من الحب وإن كان «قليلاً» وبنفس الوقت هو ليس بحب.. فالتعود يشبه أحياناً التلقين إلى حد ما.. أمر تألفه ويسد فراغاً لن تتحمل فكرة اتساعه دون مخلوق يملؤه.. مساحة تتسع حتى تحيطك وتتركك معلقٌ لا تعرف لك مدار.
وفي مرات عدة تطلب مني أمهات أن أقنع بناتهن أن الحياة مع الرجل لا تقوم على الحب وحده.. وفي مغالطة أكثر جنوناً.. يمكن للحياة أن تقوم بين رجل وامرأة لا يجمعهم عشق.. إنما الأبناء.. المصالح.. البرستيج الاجتماعي ووو إلخ!
ولأن المستشار مؤتمن.. ليقول الحقيقة حتى وإن كانت صادمة.. ولها شظايا وارتدادات يمكن أن تمزق ما تمر به.. إلا أنها خيرٌ ألف مرة من تزييف الواقع ليمشي الحال ولو كان «أعرج»!
ولأني أؤمن أن كل حماقة نقصية إلا بذريعة الحب.. ولأن العشاق رسل سلام قليلاً ما تجد لديهم وقت أو دافع المؤامرات والدسائس والمكر والمحاسبة.. والحياة الحافلة بفوضى المشاكل التي ليس لها أول ليكون لها أخر!
ولأن الأنثى في كل مرة تمنح نفسها دون مشاعر ودون قناعة تتحول رويداً رويدا إما جثة تتنفس وتنتظر الموت.. مهزومة في أنوثتها.. في معركة توازي الفحولة لدى الرجال.. أو مخلوق له ملامح أنثى لكنه مريض بأحقاد تكفي شعبا كاملا ليتحول إلى ساحة قتال آثمة..
لذا.. لتعذرني الأمهات الخاضعات لهيمنة الخوف من طلاق بناتهن.. والمتوجسات من الألسن التي تلوك حياة الجميع وفي كل الأحوال.. المتخاذلات هيبةً من اتهام المجتمع لهن في تربيتهن التي لم تعلم بناتها كيف يكنَّ مثال «زوجة مهدورة الكرامة رجل لا تطيقه».
فالعشاق لا تخطئهم عين.. مفعمين بالحياة.. وجوه ينطق النور فيها أن الحب هبة تستحق الاهتمام.. وتلك العيون التي لا يفارقها بريق لن تراه غالباً إلا في عيون الأطفال.
أجسادهم بخير.. أرواحهم منطلقة.. حواسهم الخمس ليست كغيرها من حواس البشر.. مضاعفة وتنشر الخير أينما حلت.
ربما أخبرهن كيف يتجاوزن كل هذا إن كان الحب موجوداً.. أما في غيابه.. فحياتهم «للتقبيل».