* كما أنّ الإسلام لم يترك باباً من أبواب الخير إلا دلنا عليه، كذلك حذرنا أشد التحذير من الشر وسائله، وأرشدنا إلى قيم خلقية عظيمة، وتعاليم نبيلة، لا تستقيم حياة الإنسان، ويستطيع التعايش مع غيره بسلام ومحبة، إلا إذا امتثل لها، وجعلها نبراساً لسلوكه يسير عليها في علاقاته مع الناس. وما أعظم ذلك المأثور من الهدي النبوي، حين يندبنا صباحاً ومساءً إلى هذا الدعاء العظيم (اللهم إني أعوذ بك من أن أظلِم أو أُظلم، أو أزل، أو أُزل، أو أجهل، أو يجهل علي ...)، وآخر في هذا السياق (اللهم إني أعوذ بك من أن أقترف سوءاً، أو أجرّه إلى مسلم ...).
* مكائد الإنسان للإنسان ليست بالشيء الجديد، حكاها (القرآن الكريم ) في أكثر من قصة، وكلما قلّ الوازع الديني أمست هذه الصفة الذميمة تتنامى في المجتمع وتشيع فيه، ومن المؤكد أنها حينما تكون في مجمع إسلامي فإنّ ذلك السلوك يكون أشد استنكاراً، وما بالك إذا كان ذلك المجتمع في بلد يُعَد مهبط الوحي، ومنطلق الرسالة التي شعت منها أعظم حضارة عرفها التاريخ البشري.
* في هذه السنوات الأخيرة، ولأسباب كثيرة كثرت الاتهامات الكيدية التي أصبحنا نراها تأتي على نمطين مختلفين، فقد تأتي على شكل شكوى رسمية، يتهم فيها مسؤولاً، أو موظفاً، أ ورجل أعمال، أو نحو ذلك، وقد تكون اتهامات مبطنة غير رسمية، من السهولة استنتاج مغزاها. وقد تمتد كلك حتى بين أصحاب التيارات الفكرية والإيدلوجية. ومن المؤسف أنّ بعضها، وفي كلا النمطين يتخذ وسيلة، لتصفية حسابات معينة.
* أياً كان النمط، أو القالب الذي تساق فيه، وأياً كانت وسائل التحقق والتثبت فيها، وما يؤخذ منها في الاعتبار شرعاً أو قانوناً، أو ما يهمل لعدم توافر القرائن المادية، إلا أنّ ذلك ينبئ عن مرض اجتماعي خطير له عواقبه على الإنسان في الدنيا والآخرة، والظلم مرتع وخيم، وبخاصة حينما يكون سبباً في إلحاق ضرر مباشر بإنسان بريء كل البراءة مما قد ينسب إليه من شائن السلوك.
* مؤسف جداً أن يستغل الإنسان ظروف العصر المضطرب، أو جو الحرية المتاح، الذي أصبح يتسع يوماً بعد آخر. هذا الجو الحر الذي يفترض فيه أن تستثمره الشعوب خير استثمار في التطوير والتنمية، نجده أحياناً يتخذ من بعض الأفراد مجالاً لإيقاع ضرر مباشر على إنسان ما، لأسباب مختلفة، قد يكون من بينها احتقان داخلي يعتقد البعض أنّ ذلك الأسلوب إحدى الوسائل الناجعة، لتحقيق المآرب والأهداف.
* الحكومة لم تغفل مثل تلك الظواهر، أو السلوكيات، فأصدرت من الأنظمة، أو التشريعات واللوائح ما هو كفيل للحد من مثل تلك الممارسات متى أقيمت الدعوى، وطلب من القضاء، أو الجهاز المعني بالفصل والتدخل.
* الواقع يقول إنّ الأجهزة المعنية بمباشرة مثل تلك التهم تعتبر مثل هذا الأمر في حال عدم ثبوت صحته متروكاً لصاحب الشأن، الترافع، أو تجاهل القضية والموضوع وتركه، ولعل هذا الخلل في تنظيم الأجهزة المعنية هو ما أسهم في تفاقم الظاهرة، أضف إلى ذلك قصور بيّن في الجانب التوعوي والإرشادي لمثل تلك السلوكيات وتناولها بشكل مباشر، رغم أنّ لها من الخطورة والأبعاد ما يشكل خطراً يهدد العمل المؤسسي في جهة من الجهات.
* كبار المسؤولين، أو بعض الشخصيات الاعتبارية اعتادت على مثل تلك الطعون في النيات والأمانات، وليس لديهم من الوقت الاستعداد لتبنّي أي قضية، أو اتهام يحاك ضده، أو ضد الجهاز الذي يعمل فيه، لكن الواقع يملي علينا أن تكون هناك جهة تمسك بالمبادرة، وتتبنّى مثل تلك الظواهر في حال عدم صحتها ، والمتابعة والمحاسبة، لنحفظ حقوق الآخرين من جهة، ونحافظ على هيبة الأنظمة والمؤسسات وأهمية الثقة بها من جهة أخرى.