* على حد سواء، يسعد المواطن والمقيم على أرض هذا الوطن العزيز حين يسمع تصريحاً من هنا وهناك عن انخفاض معدلات الجريمة الجنائية في بلادنا بمختلف أنواعها، إثر ترحيل المخالفين لنظام الإقامة، فالأمن عماد الحياة وأساسها، وبدونه لا يمكن لأي مجتمع من المجتمعات، أو بلد من البلدان أن ينمو ويزدهر، بل إن استقرار الأمن لا ينعكس على الحياة بجوانبها المادية فحسب، إذ تبدو آثاره الإيجابية على الفرد، وعلى الأسرة، نفسيا، وصحيا، واجتماعيا. والمجتمعات التي مرت بتجارب قاسية وعنيفة، نتيجة تدهور الأمن فيها، لأي سبب، تعي وتدرك أهمية الأمن، خلاف المجتمعات التي تعيش في رخاء، ورغد، ورفاهية في المعيشة. لذا تبدو أهمية التوعية المستمرة، لإيقاظ قيم المواطنة بجميع أبعادها في الجيل الناشئ.
* ليس أمامي مؤشرات، ولا دراسات، ولا استطلاعات، ولا مقارنات يمكن أن أنطلق منها، فلغة الأرقام هي التي تقنع القارئ، والمواطن، وتعطي المقال أكثر عمقا، ومصداقية، لكن الكاتب قد ينطلق من إحساسه، ومن شعوره الداخلي، ومن رصده وانطباعاته، وانطباعات غيره، وبخاصة ممن يتحرى الإنصاف . اليوم المجتمعات، ومن بينها مجتمعنا تعيش في متغيرات كبيرة وخطيرة في الوقت نفسه، هذه المتغيرات والتحديات لابد أن تؤخذ في الحسبان عند الطرح في تقييم الأوضاع في أي بلد عربي، وبخاصة في هذه السنوات الثلاث الأخيرة المضطربة، وبناء على هذه المتغيرات وتلك المعطيات ينبغي على كل كاتب ينشد الحقيقة والإنصاف أن ينطلق منها، لا أن يقيس بمعايير أخرى هي أقرب للمثالية ، فالظروف التي نعيشها أقسى وأشد، وأكثر خطورة من أي وقت مضى .حتى على مستوى الأسرة الصغيرة، حيث اضطربت القيم والأخلاقيات.
* النمو في عدد السكان، وتعدد وسائط المعرفة التقنية، وسهولة التواصل والاتصال، وأثر تداخل الثقافات وتمازجها، جميعها عوامل مؤثرة في تقييم أي موقف من المواقف، وأي منجز من المنجزات، سواء كان أمنيا، أو غيره.
* وزير الداخلية، الأمير، والشاب الطموح الذي حظي بثقة قادته، وتفاعل المواطنون مع مواقفه وإنجازاته المتلاحقة، والقيادات الأمنية المخلصة بقيادة مدير الأمن العام كانت في الواقع على قدر الثقة، والتحدي، وتحمل المسؤولية الوطنية . كبرت هممهم، وتضاعفت عزائمهم، وإذا نحن في كل يوم نسجل إنجازاً أمنيا جديدا، أو نخرج بمشروع طموح، أو برنامج فاعل مدروس ومطوّر، قادر على مواكبة العصر، وسد منافذ الجريمة، والمساهمة في الحد منها قبل وقوعها، كل ذلك، ونحن نعلم علم اليقين، وندرك تمام الإدراك أنه لا يخلو مجتمع من المجتمعات المعاصرة والقديمة، المتطورة والنامية من الجريمة، لأن هذا السلوك مرتبط بطبيعة بعض البشر، الذي هو مزيج من سلوكيات وطبائع مختلفة، ونتيجة تربية وتنشئة يبدو فيها شيء من الاختلاف كذلك.
* لا يمكن أن نتجاهل، ونحن جزء من هذا العالم المتواصل فيما بينه ظهور ما يعرف بالجرائم المنظمة التي تدار من بعد، وبأسلوب احترافي وذكي، ليس من السهولة السيطرة عليها، أو اكتشاف خيوطها، وهذا النمط من الجرائم لم يكن له ذلك الظهور عندنا في السابق، مما فرض على الأجهزة الأمنية، ومراكز الأبحاث والدراسات أن تولي هذه الجرائم مزيدا من الاهتمام الذي يخفف من تنظيمها، أو أثرها على المجتمع. هذا النوع من الضروري أن نأخذه بالحسبان، ونحن نتابع ونقيم أداء أجهزتنا الأمنية.
* نحن للأسف نميل كثيرا للنقد، لا من أجل تصحيح المسار، بل أحيانا، للتشفي، أو من باب نشر الإشاعات المغرضة، لأسباب تختلف من شخص لآخر، ولعل هذا النهج لا يعد مؤشر وعي، أو بُعدَ إدراك لعواقب الأمور. ونحن نخطئ كل الخطأ إذا اعتقدنا أن ما يروج له من إشاعات وأكاذيب تسيء للمؤسسة الأمنية، أو رجل الأمن فحسب، بل للمجتمع والوطن بأكمله، باعتبار ذلك مزعزعا لثقة المواطن بأهم جهاز يقوم على حماية أمنه واستقراره وممتلكاته العامة والخاصة.