استقطب الكتاب المبدع الذي وضعه سي كاي برالاهاد وستيوارت هارت، بعنوان «الثروة في أسفل الهرم»، جماهير حاشدة عند صدوره في العام 2004، وهو لا يزال مقروءاً على نطاق واسع منذ ذلك الحين. علماً بأن العبارة البارزة فيه «أسفل الهرم» باتت جزءاً من القاموس الإنجليزي.
وكان الكتاب بمنزلة دعوة إلى التصرف، موجّهة إلى كبرى شركات العالم؛ كي تطوّر منتجات جديدة لأربعة مليارات نسمة يعيشون بأربعة دولارات يومياً أو أقل، في سوق يمثّل ما اعتُبِر فعلياً الحدود الجديدة لتوسّع الشركات.
وبعد مرور عشر سنوات تندر الأدلة التي تشير إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات واصلت اتساعها باتّجاه السوق في أسفل الهرم، الذي يُثمَّن بمليارات الدولارات. ونحن نستبعد حصول هذا الاتّساع بالنظر إلى أن أصحاب المشاريع العاملين إما بمفردهم أو ضمن فريق عمل يتمتعون بمكانة أفضل بكثير لخدمة هذه الفئة من العملاء.
أما السبب فهو أن الشركات المتعددة الجنسيات تتوق دوماً لاستغلال مواردها الوافرة لتوسيع نطاق أعمالها الراهنة، بدلاً من الانطلاق من الصفر. أما أصحاب المشاريع فينطلقون من الصفر على الدوام، وهي استراتيجية أساسية لكل شركة تريد أن تنجح في تلبية طلبات من هم في أسفل الهرم.
ويميل عدد كبير جدًّا من الشركات المتعددة الجنسيات، التي تحاول النفاذ إلى أسفل الهرم، إلى إزالة المزايا من منتجات متوافرة أصلاً في السوق، إلا أن هذه المقاربة قلّما تنجح؛ لأنّ جلّ ما تفعله إزالة المزايا هو استحداث منتجات بسعر يقلّ بواقع 30 سنتاً عن سعر المنتجات المطوَّرة حول العالم، ولأنّ نجاح المساعي يتطلب منتجات يقل سعرها بنحو 90 سنتاً. ويمكنكم أن تتصوروا الضغوط التي يفرضها ذلك على صعيد تصميم المنتجات.
وقد أصبحت هذه النقطة محور الاهتمام الأساسي في مجال «التصميم انطلاقاً من الصفر»، الذي يسعى لتطوير منتجات غير غالية انطلاقاً من الصفر. علماً بأن أصحاب المشاريع غير المقيّدين بضغوط تحثّهم على توسيع علامتهم التجارية هم بمكانة أفضل للاستفادة من هذه المقاربة.
ويتطلب النجاح في الأسواق الناشئة التزاماً بالحركة السريعة، والارتقاء المتواصل بنوعيّة ما هو معروض. ولا يقتصر ذلك على تعديل المنتجات، بل يشمل أيضاً كل ما هو على صلة بالأعمال.
وهنا أيضاً من شأن أصحاب المشاريع أن يترجموا ما تعلموه إلى أفعال أسرع من الشركات المتعددة الجنسيات، التي غالباً ما تضطر فرق العمل فيها إلى إحداث تغييرات بالاستناد إلى ردود فعل العموم.
ومن الضروري أن تتذكّر الشركات من أي حجم كان، التي تدرس بجدية النفاذ إلى السوق في أسفل الهرم أن الدروس التي تعلّمتها من البيع إلى عملاء أكثر ثراء لن تنطبق على الأرجح ضمن هذه الشريحة من العملاء.