توقع تقرير اقتصادي حديث أعدته الأمانة العامَّة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، أن تشهد السنوات المقبلة دخول القطاع الخاص في شركات عالميَّة لنقل التقنية والاستفادة من الشراكة الإنتاجية، وكذلك تسهيل إجراءات الحصول على مدخلات الصناعة للقطاع الخاص بما يمكنه من الاستثمار في الصناعات التحويلية.
وتشجيع الشراكات الوطنيَّة بين القطاع الخاص، والشركات الرئيسة في مجال الصناعات الأساسيَّة مثل البتروكيماويات، والصناعات المعدنية، مع توطين الصناعات المعرفية، وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة مُعيَّنة من الناتج المحلي، مع إعداد دليل خليجي لمراكز البحوث يتم من خلاله تصنيف تلك المراكز وفقًا لمجال البحث وطريقة تقديم الخدمة، وكذلك إنشاء شبكة إلكترونية لمراكز البحوث الخليجيَّة، وللباحثين، وحثّ هذه المراكز على إعطاء الأولوية في البحث للقطاعات الصناعيَّة المستهدفة، ووضع إستراتيجية موحدة للبحث العلمي والتطوير للقطاع الصناعي، سعيًا لتوحيد جهود البحث العلمي والتكنولوجي للقطاعات الصناعيَّة المستهدفة.
كما يُتوقَّع أن يشهد عام 2014 مواصلة الجهود الحثيثة للحكومات الخليجيَّة للتعامل مع تحدي زيادة توظيف المواطنين في القطاع الخاص، فكلّما زادت فرص التوظيف في القطاع العام، وازدادت عوامل الجذب فيه، انخفضت جاذبية القطاع الخاص للمواطنين، ما لم تتخذ إجراءات فعَّالة لتجسير الفجوة بين القطاعين وتحسين ظروف العمل في القطاع الخاص، الذي أصبح منذ بعض الوقت مدمنًا على العمالة الأجنبية الرخيصة.
ويرى التقرير، أن الاستثمار في برامج البنى التحتية الكبرى بمنطقة دول الخليج سيستمر في قيادة الانفتاح التجاري من خلال زيادة الواردات، كما أن المزيد من الإصلاحات الهيكلية الموجهة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية في مجالات البنية التحتية والتَّعليم والابتكار ستكون له مكاسب طويلة الأجل في تعزيز الانفتاح التجاري والقدرة التنافسية.
وذكر التقرير أن دول الخليج تقود المنطقة من حيث الاندماج في الاقتصاد العالمي عن طريق الانفتاح التجاري والقدرة التنافسية، مُرجِّحًا أن تعود الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف تحرير التجارة والاستثمار في المدى الطويل بقدر من النمو الاقتصادي في كامل منطقة الشرق الأوسط.
وأشار التقرير إلى أن هناك مخاطر على المدى القصير تتمثّل في تدهور الوضع الجيو سياسي الإقليمي، وتباطؤ الطلب في الأسواق الناشئة وهبوط أسعار النفط.
وعلى المدى المتوسط، ينبغي أن يشمل التنويع الاقتصادي العمل على تعزيز حصة دول مجلس التعاون الخليجي في التجارة العالميَّة غير النفطية وتحقيق نمو اقتصادي أكثر استقرارًا وأقل حساسية إزاء التطوُّرات الخارجيَّة.
وفيما يخص الاستثمار الأجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي، فقد بيَّن التقرير أن الدول الست حافظت على حجم الاستثمارات الأجنبية الواردة وتحديدًا 26.5 مليار دولار، كما تعزَّزت الأَهمِّيّة النسبية للاستثمارات الأجنبية الواردة لدول مجلس التعاون الخليجي من 1.7 في المئة في عام 2012 إلى نحو 2 في المئة في 2013 من القيمة الكلية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، لكن ذلك يعود إلى انخفاض الاستثمارات الكلية على مستوى العالم.
ولكن التقرير أشار إلى تحدٍّ رئيسٍ قد يواجه المستثمرين الأجانب لدى تأسيس أعمالهم التجاريَّة في منطقة الخليج العربي تتمثَّل بنقص العمالة المحليَّة الماهرة، وأيْضًا الإجراءات الوقائية التي تتخذها الدول الأوروبيَّة والآسيوية ضد الصادرات الخليجيَّة مما قد تثني المستثمر الأجنبي عن إنشاء مرافق تصنيع في دول الخليج العربي.
ومن معوقات الاستثمار الأخرى توجه دول الخليج لتبنّي سياسات أكثر صرامة على استقدام الوافدين، وعدم كفاية شفافية قوانين الاستثمار والسياسات الاقتصاديَّة، والعقبات الإجرائية، وجوانب الضعف الاقتصاديَّة الناجمة عن الاعتماد المفرط على قطاع النفط والغاز.
لذا يَرَى التقرير أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي يتوجب عليها الترويج لمنطقة الخليج كوجهة استثمارية جذابة واحدة من خلال المبادرة بشكل مسبق لتحديد قطاعات النمو ودعوة الشركات الأجنبية التي تتمتع بمهارات وخبرات واسعة لإنشاء فروع لها ضمن هذه القطاعات في منطقة الخليج العربي.
وقد يشجع ارتفاع معدلات زيارة الوفود على الاستثمارات الثنائية وزيادة التعاون الاقتصادي. كما يمكِّن أيْضًا لحكومات بلدان مجلس التعاون الخليجي القيام بخطوات لإدخال الشركات مُتعدِّدة الجنسيات ضمن الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPPs).
كما يتعيَّن على دول المجلس التفكير في وضع برنامج تأشيرات طويلة الأمد للمؤسسات والمستثمرين الآخرين بهدف تشجيع الاستثمارات. كذلك ينبغي الإسراع في تطبيق تأشيرة موحدة بين دول مجلس التعاون وإجراء إصلاحات على قوانين العمل لتأمين الوصول إلى العمالة المؤهلة. وعلى نحو مماثل، يمكن تخفيف قواعد الملكية لمشروعات محدَّدة ومهمة في القطاعات غير النفطية الخليجيَّة.
وتوقع التقرير أن يحقِّق الاقتصاد الخليجي نموًّا أكثر تواضعًا عند 4 في المئة خلال عام 2014م، وذلك بسبب الانخفاض المتوقع في إنتاج النفط.
وبالرغم من البيئة الاقتصاديَّة الداعمة للنمو، الأمر الذي يتطلب الحاجة إلى معالجة التحدِّيات الاقتصاديَّة الملحة في دول المجلس، والتركيز على دعم الصناعات التحويلية ودعم مشروعات المؤسسات والصغيرة والمتوسطة، وتنويع مصادر الدخل من خلال الاهتمام بقطاع السياحة والمصارف والبنوك، والتركيز على دعم ومشاركة القطاع الخاص الخليجي في رسم السياسيات الاقتصاديَّة مع القطاع الحكومي.