إن الأمم لتبنى بأيدي وسواعد أبنائها والحضارات ترتقي بأفكارهم؛ وتطور الدول وتقدمها يقاس باستثمارها في إنسانها لأنه أفضل أنواع الاستثمار حكايتي هذا الأسبوع عن تعليمنا وتجربة أحد الزملاء وأحد تلاميذه كونه ينتمي للجانبين أي أنه معلم تربية فنية وفي نفس الوقت فنان تشكيلي.
إليكم التفاصيل: هو معرض لطفل عمره لا يتجاوز الـ10سنوات، يحتوي على ألف صورة لربما ومن خلال هذه الأرقام نعرف أنه من الصعب على طفل في مثل هذا العمر أن يقوم بهذا الانجاز إلا من خلال معلم مثابر ووالدين منحاه كل جهدهما وطاقاتهما ليكون مخرج هذا العمل محفزا لهذا الطفل القادم للمستقبل.
تساءلت في ذاتي: كيف لمعلم نصابه 24 حصة بالإضافة إلى مهامه اليومية في المدرسة ان يكون لديه الوقت لتبني مثل هذا الطفل الموهوب ومعرضه؟ وما لفت نظري بعد إطلاعي على صور المعرض أن الحضور قد اقتصر على المعلم والطفل وولي أمره مع إدارة المدرسة ومدير مكتب التربية والتعليم وثلاثة مشرفين، أين الإدارات التعليمية والعقول الإدارية من هذه الجهود..؟ هل يريدونً تميزاً من قبل المعلمين والطلاب..؟ ها هو التميز، لكنهم يطالبون ويطالبون ولا يحضرون.
يراسلني ذلك المعلم مستاءً أنه في أحد معارضه المدرسية المميزة والتي تقدم كنشاط إضافي للمهام وللمادة بالقول: خاطبنا النشاط ومكتب التربية والتعليم وحضر فقط مدير المكتب يعني شخص واحد، بمعنى: كيف سيكون الشعور بالجهد الذي بذل من المعلم والطلاب والمدرسة والورش والدروس لتمكين الطلاب للفائدة؟ هذا جزاء المعروف في حين لو تغيب المعلم عن المدرسة لقامت الدنيا على رأسه وسوف يحضر للمدرسة أكثر من شخص للتحقيق والحسم فسبحان الله لهذه المفارقات.
الشاهد هنا ان هذا النموذج يذهب بي إلى تساؤلات واستنتاجين:
هذا الانجاز وهذه الطاقة كيف نحافظ عليها؟ كيف نحافظ على المعلم؟ كيف نحافظ على الطلاب؟ ونستنسخ منهما نماذج يكونون بمثابة الظاهرة.
المسؤولون عن التعليم ابتداء من مديري التعليم ومديري مكاتب التربية ونهايته بالمشرفين ومديري المدارس: أين أنتم من هذه النماذج التي نتوق إليها؟ أم أن الأمر يوكل لغير أهله وأن الفقر في الذائقة البصرية في مجتمعنا هو نتاج طبيعي للجهل الحاصل بمدارسنا ومكاتب تعليمنا؟!.