أصبحنا نعرف ملامح حلول المشكلات ونعرف أكثر ملامح الشخص الذي أصدرها، لأنه غالباً كل القرارات والحلول والتوصيات التي تصدر عن جهاتنا سواء كانت الحكومية أو الأهلية تحمل ملامح رجل واحد هو من يمثّل رأس الهرم في المنشأة،
اذهبوا وراجعوا الكثير من القرارات السابقة التي تم اتخاذها وقارنوا ملامح القرار مع ملامح الشخص الذي يعتلي هرم المنشأة التي أصدرت القرار، إذا كان الشخص حازماً حاسماً فسيأتي القرار يشبهه تماماً، أما إذا كان طيباً ليّناً هيّناً فسيأتي القرار مثل عدمه، مجرد حبر على ورق، هناك قرارات تحمل طابع جنسيات الأشخاص الذين اتخذوها، حسب تنوّع المدارس الإدارية في العالم، هناك قرار تدرس سلبياته قبل إصداره، وهناك قرار يصدر وتعالج سلبياته أثناء مراحل إصداره، القرار السعودي فيما يخص المجتمع أو منافع الناس لا يذهب لاجتثاث المشكلة من أساسها، بل هو قرار مؤقت لحل مشكلة طارئة، صحيح أن هناك مشاكل طارئة تحتاج إلى قرارات عاجلة وسريعة مثل حاجتنا لقرار سريع يساهم بإيقاف انتشار فايروس «كورونا» بإذن الله تعالى، ومن ثم اتخاذ قرار يمنع تكرار ما حدث، القرارات ذات الماركة السعودية أو النابعة من تحت تأثير الثقافة السعودية لم تعد مجدية وأثبتت فشلها، نحن بحاجة لاستيراد تجارب وأنظمة ذات طابع دولي أثبتت نجاحها في مجتمعات أخرى، مثل نظام العقار والمساهمات العقارية في دبي، نظام التعليم الإلكتروني في ماليزيا، وهكذا، دون أن نخسر الملايين من الريالات في اجتماعات اللجان تلو اللجان وبعد ضياع الوقت والمال يتم اتخاذ القرار الخاطئ أو غير الناجح بشكل كاف، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، مثال على القرار الذي يمكن اعتباره يحمل الماركة السعودية هو قرار أصدره صندوق تنمية الموارد البشرية مؤخراً أسماه «مكافأة الجدية للعمل»، أي أن الصندوق لم يجد طريقة لبث روح الجدية في الموظفين الجديد سوى عبر شراء تلك الجدية منهم! لم يجد سبباً في عدم جدية الموظف السعودي سوى عدم شراء جديته بالمال! منطق غريب وقرار يكاد يكون أغرب قرار في تاريخ المجتمع السعودي، يكفي هذا القرار غرابة أنه قرر إلقاء اللوم والمسؤولية على الضحية وهو الموظف الجديد إنه غير جاد، لم يذهب إلى دراسة الأجور وتضخم أسعار المعيشة وغيرها من الأسباب الجوهرية!