تثير تصريحات - الأمين العام للأمم المتحدة - بان كي مون، عن أبعاد الأزمة الإنسانية في سورية، بأنها: «غير مسبوقة في التاريخ الحديث»، مشددا على ضرورة أن: «يفعل العالم كل ما يمكن؛ لوقف معاناة الشعب السوري»، أسئلة دون وجود إجابات شافية، حول التغاضي عن التعاطي مع تطورات الأزمة، ورد الفعل الدولي على المستويين - الإنساني والأمني - ضد نظام فاقد للشرعية، ومتجاوزا البعد الأخلاقي، التي تعدت حدود القبول.
البعد الإنساني لأزمة الشعب السوري، هو امتداد لصورة أوسع للأزمة السورية، حين تفاقمت الظروف الحياتية القاسية، مع تصاعد وتيرة العنف، ودخول الصراع إلى مرحلة أكثر دموية؛ لتتحول انتهاكات حقوق الإنسان إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، في ظل حالة من اللامبالاة بدماء الشعب السوري، فكانت تلك المأساة، أسوأ مأساة إنسانية في التاريخ الحديث. بل إن ما يحدث في سورية - اليوم - هو أكبر من أن تستوعبه وقائع التاريخ، بعد أن غرست الكارثة بأصابعها القذرة؛ لتظهر المعدلات القياسية للغة القتل المرتفعة، وبصورة غير مسبوقة، دون أن يتمكن العالم من السيطرة على طاغية العصر، على الرغم من تحمله لكامل المأساة السورية.
يمثّل الصراع في سورية أخطر أزمة ستهدد الأمن العالمي - شئنا أم أبينا - وذلك منذ قرابة - العقود السبعة الماضية -. فالأوضاع معقدة، والعواقب الإنسانية عميقة الجذور، فرضته - مع الأسف - ظروف المرحلة التاريخية، وجمود الموقف الإقليمي، والدولي المتعلق بالأزمة، الذي أخذ بعدا في وجهات النظر المتباعدة تجاه الأزمة، ولا سيما بعد تجدد الصراع السياسي مع الصراع المذهبي، والديني.
في ظل غياب أفق لحل سياسي قريب، أو سلمي للأزمة، وحيث تتضاعف التداعيات الإنسانية، والمادية، سأطرح سؤالي، وأغادر: هل سيتمكن المجتمع الدولي بعد مرور ثلاث سنوات على الأزمة السورية من احتواء ما يجري على الأرض عند الحدود الدنيا من تكلفة الخسائر المادية، والبشرية؟، أم ستستمر الأحداث في عملية تفاعلية مع تطورات الأوضاع بتعقيداتها الإقليمية، وتوازناتها الدولية، التي - كانت ولا تزال - تقف حائلا، دون تهيئة المناخ لحل شامل للأزمة؟