لم تكن توقعات - الأمير - تركي الفيصل في الجلسة العامة لمؤتمر الأمن في البحرين - قبل أيام -، حول تقسيم العراق في حال فوز نوري المالكي - رئيس الوزراء الحالي - المنتهية ولايته، في الانتخابات التي يجري التحضير لها في الفترة الراهنة، واتهامه الحكومة العراقية الحالية بالطائفية، وأن سياستها تسعى لتقسيم العراق، مجانبة للحقائق، بل ستضيف أزمة جديدة إلى المشهد العراقي، وهو الغارق في أزماته السياسية، والأمنية، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية. وخصوصاً أن بقاء - رئيس الوزراء - نوري المالكي في الحكم لدورة ثالثة، سيشجع على تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم «كردية، وسنية، وشيعية»، كما أن عزيمة التقسيم ستقوى، وتتسارع حالما تسفر انتخابات نهاية الشهر الجاري عن فوز تحالف المالكي، أو الإجماع عليه من قبل التحالف الشيعي الذي يدعمه.
يسعى نوري المالكي إلى تحقيق الهدف الإستراتيجي الأساس للاحتلال - الأمريكي الإيراني -، عن طريق تقسيم العراق إلى عدة كانتونات هزيلة، ومتصارعة، على أساس عرقي، وطائفي، وتجزئته تحت غطاء ديني، ومذهبي، وذلك ضمن تقاسم المصالح، ولاعتبارات تخدم مصالح دولية، وإقليمية؛ بسبب تاريخ العراق العظيم، وموقعه الجغرافي، وثرواته الطبيعية، وإمكانياته البشرية، وباعتبار أن الصورة العامة لهذه الغايات مصممة من خلال فكر ديني، وعنصري قائم على ثارات تاريخية.
الوضع الراهن بين إدارة العراق، والحكومة المركزية شاذ، وغير مقبول مطلقاً، والدليل على ذلك، أن تفعيل الأقلمة، والفدرلة على حساب الوحدة الوطنية العراقية، هو هدف أمريكي، وإيراني، قد يتحقق إذا تنازل الشعب العراقي عن فكرة العراق الموحّد، - وبالتالي - سينتقلون في المرحلة القادمة من فشل إلى فشل؛ نتيجة سياسات مارسها - يوماً ما - الطائفي البغيض المالكي، والتي أسست للانقسام، والتشرذم، والانشقاق، وتكريس الطائفية بعد إقصاء مكونات المجتمع العراقي، فآلت الأمور - مع الأسف - إلى تمزيق النسيج الوطني العراقي.
إن مراجعة مسيرة العملية السياسية - سلباً وإيجاباً -، لا يكون إلا بالشروع في حوار وطني موسع، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، والسياسية لجميع المكونات الطائفية، والتأكيد على ضرورة إلغاء نظام المحاصصة على أساس الأغلبية، ووضع حد للمكاسب الآنية، حزبية كانت، أو طائفية، أو عرقية؛ حتى يتمكّن العقلاء من التصدي لمؤامرة التقسيم.
فما يحتاج إليه العراق - اليوم -، هو التهدئة، لا التجزئة.