طار الكثير بنتيجة الدراسة التي أصدرتها مؤسسة الملك خالد بتحديد مبلغ 8926 ريالاً شهرياً كحد الكفاية المعيشية، وبدأ العويل والتذمر من ضآلة الدخل المتردي.
والحق أنه لن يكون رفع الراتب مجدياً إن رافقه التضخم الذي يترتب عليه ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة. وحتما سيتضرر ممن لا يستلم راتبه من الحكومة أو لا راتب له أصلاً! ولو تم صرف الفائض من الموازنة العامة للدولة في مشاريع يستفيد منها الجميع لكان أفضل، كفتح المزيد من المستشفيات وإصلاح الطرق وتحسين النقل العام، مع دعم السلع الاستهلاكية كالأرز والدقيق والحليب واللحوم والخضار والفواكه بدلاً من الدعم التقليدي للسكر والهيل وترك الخضار والفواكه واللحوم عرضة لجشع التجار!
وينبغي إعادة النظر بوضع شرائح استهلاك الكهرباء وتوسيع الشريحة الأولى بحيث تضم عدداً كبيراً من المستهلكين ويستفيد منها الجميع، فتكون 4000 كيلوات بدلاً من 2000 الحالية التي يتضرر منها الكثير، والسعي لخفض الرسوم الحكومية كاستمارة السيارة ورخصة السير والاستقدام والإقامة، وإلغاء رسوم استقدام السائقين للنساء لأنه بحكم الضرورة وليس رفاهية في ظل المنع الحكومي لقيادتها للسيارة! وخفض سعر البنزين والديزل وإلزام الشركات المستفيدة بخفض أسعارها التي رفعتها سابقاً بسبب ارتفاع سعر المحروقات!
وسيصبح الراتب كافياً ووافياً لو أسند إنشاء المساكن لشركات متخصصة تبني شققاً سكنية مختلفة المساحات وتأجيرها بأسعار مناسبة، وتدعمها الحكومة بتحمل جزءاً من الإيجار مما يتيح للمواطن ادخار شيءٍ من راتبه وبالتالي يتمكن مستقبلاً من شراء منزل كبير أو بنائه حسب ذوقه وإمكانياته!
وسيكون الراتب مناسباً لو أوقف استقدام عمالة لبعض المهن والوظائف وفتح مجال العمل لأبنائنا وبناتنا، وأُلزمت الشركات والمؤسسات برفع نسبة التوطين فيها لاستقطاب أبناء الوطن وتحفيزهم على الانخراط في العمل تقليلاً للبطالة.
الطريف بعد نشر دراسة حول الحد الأدنى للدخل علّق أحدهم بقوله (الراتب ما يكفى حتى الذبايح!!) بما يشير لحالة من عدم الحكمة في طريقة الصرف وتنظيم الميزانية المالية! وعليه لن يكون الراتب كافياً ولن يصل حتى لحد الكفاية حينما تكون المصروفات موجهة للكماليات والسفريات وتناول الوجبات في المطاعم أو الإصرار على إقامة الحفلات والدعوات وذبح الذبائح ومد الموائد، فذلك بات من الماضي السحيق ويدخل بمصطلح الهياط فحسب!
وسننجح حتما في القناعة بكفاية الدخل لو قامت وسائل الإعلام ونهض خطباء المساجد والوعاظ بأدوارهم التوعوية من خلال إرشاد الناس نحو التعقل بالصرف، وتوجيههم بأن العبرة ليست بكثرة الدخل بل الحكمة في الإنفاق!