نزاهة ومجمّع الأمل

بجرأة غير مسبوقة وبلغة شجاعة وجّهت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) اتهاماً صريحاً لمجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض بسوء الإدارة والإهمال والتسيب وعدم قيامه بوظيفته على الوجه المطلوب!

ويبدو أن نزاهة قد ضاقت ذرعاً بالتجاوزات الإدارية والمخالفات المالية في بعض الدوائر الحكومية بعد أن كان تركيزها على فساد المشاريع!

المدهش في الغضبة (النزاهية) هو الشفافية بنشر جميع ملاحظاتها وإحالتها لهيئتي الرقابة والتحقيق، والادعاء العام، ووزير الصحة، لطلب التحقيق مع من تثبت مخالفتهم وتطبيق العقوبات بحقهم.

ولأن الشيء بالشيء يُذكر؛ فقد كتبت سابقاً مقالاً موجهاً لوزير الصحة السابق د. حمد المانع بخصوص أحد الشباب المدمنين للمخدرات بعد مناشدة والده المسن بإدخاله لمجمع الأمل وعلاجه بعد أن تقطعت به السبل. وقد تجاوب الوزير مشكوراً وتواصل معي وتم تنويم الشاب لمدة عشرين يوماً فقط! وبعدها أرسل والده رسالة مفادها: (ما قصرتِ يا بنتي ولا قصر الوزير لكن قصّر المستشفى حيث خرج ابني بحالة أسوأ). وبعد السؤال اتضح وجود حالة من الفساد ليست أشدها إهمال علاج المرضى! وقد كشفت نزاهة عن جملة من التجاوزات ولم تصبح سراً أو اتهاماً بلا سند، حيث نشرتها جميع الصحف مؤخراً، وهي (سوء الإدارة واستغلال النفوذ الوظيفي، واستفادة بعض الموظفين من مؤهلات وخبرات غير صحيحة لغرض الترقية لوظائف أعلى من المستحقة لهم، وعدم إثبات حضورهم وانصرافهم، وتبديد الأموال العامة وسوء استخدام ممتلكات المجمع كاستخدام بعض الموظفين للسيارات الحكومية بتنقلاتهم الشخصية برغم صرف بدل نقل لهم، وقصور في تقديم الخدمات للمرضى كنقص بعض الأدوية المهمة وتعطل بعض الأجهزة الطبية، وعدم وجود أماكن مخصصة لزيارة أُسر مرضى الإدمان، ووجود تجاوزات ومحاباة بتنويم المرضى من قبل رؤساء الأقسام ومديري الإدارات وغيرها.. كالإهمال في الأمن والسلامة وتدنٍ بمستوى الصيانة والنظافة وهو ما يرقى إلى شبهة فساد!

وطالما أصبح الأمر مشاعاً بحسب تصريح الهيئة: (أنها توضح ذلك عملاً بمبدأ الشفافية وإطلاع المواطنين على حقيقة الأوضاع)؛ فإن على وزارة الصحة السعي عاجلاً لتصحيح أوضاع المجمع بما يضمن تقديم رعاية طبية مناسبة ليس تفضلاً وإنما تطبيقاً للأمر السامي بالحرص على تقديم الخدمات بأفضل مستوى!

ولأنني من خلال (المنشود) في جريدة الجزيرة قد انتقدت تراخي نزاهة وسخرتُ من اكتفائها ببث رسائل وعظية ونصائح للمواطنين دون القيام بعمل ملموس أو إجراءات صارمة أو التعاطي بشفافية مع مظاهر الفساد أو شبهته؛ فإنني أشيد بتصريحها وأطالب بمساندتها وأدعو الله لها أن يسدد خطاها ويشدها بقوته!