ليس غريبا، أن تسعى إيران عبر جماعاتها المسلحة، والتي تدعمها - ماديا ومعنويا -، كالحوثيين في الشمال، والانفصاليين في الجنوب؛ من أجل إيجاد موطئ قدم لها في اليمن، والسيطرة على الممرات المائية في المنطقة، - إضافة - إلى إشعال الحرائق في شمال البلاد، - وتحديدا - في صعدة من خلال جماعة الحوثي، - وكذلك - في جنوب اليمن، والتي تدعمهما طهران - سياسيا وعسكريا وماليا -.
ما يحدث في المشهد السوري، أضاف بعدا آخر، - خصوصا - وأن انهيار نظام بشار الأسد الحليف الاستراتيجي لإيران، سيشكل خلطا للأوراق في المنطقة، - باعتبار - أن اليمن سيكون قاعدة شيعية بديلا لسوريا بالنسبة لإيران، وذلك في حال نجاح الثورة السورية، واقتلاع النظام الموالي لطهران، رغم وجود مخطط تحضره إيران مع حزب الله اللبناني، يهدف إلى الامساك بزمام الأمور في سوريا، في حال انهيار النظام.
ومن يتفحص مجريات الأحداث على الساحة اليمنية، سيرى كيف استغل الحوثيون عدم استقرار اليمن عبر التوسع في بسط نفوذه، والسيطرة على مناطق متفرقة، ومن ثم السعي نحو بناء دولة شيعية - اثني عشرية -، تكون هويتها فارسية المذهب، والمبدأ، ومشابهة لقوة حزب الله اللبناني.
المتابعة الدقيقة للتطورات على الساحة اليمنية، تكشف عن أن المخطط الإيراني في اليمن، لم يكن وليد التطورات الأخيرة، بل إن تحركات الأرض، وإعلان الانفصال في اليمن هنا، هناك، هدفها استمرار نهج تصدير الثورة الإيرانية، والسيطرة على الساحة السياسية، من خلال إنشاء أحزاب موالية لطهران ، وتمويل جماعات، ونخب ثقافية، وسياسية، ومنابر إعلامية؛ للعب دور سياسي يتبنى الرؤية الإيرانية تجاه الأحداث في المنطقة.
-ولذا - فإن تبعات ما يحدث، سيمس أمن المنطقة بالكامل، وسيهدد بإشعال حرب طائفية في اليمن.
لا تخفي إيران وجهها الطائفي البغيض في تحركاتها، - لاسيما - وأن التقارير الأمنية الأخيرة، تشير إلى توجّه تصعيدي لحلفاء إيران في اليمن ، - خصوصاً - جماعة الحوثي الشيعية المسلحة، والفصيل المتطرف في الحراك الجنوبي بزعامة علي سالم البيض؛ وليكشف عن مخطط تصعيدي غير مسبوق في هذا العام 2014 م، والذي يمثل بالنسبة للحراك الجنوبي المتطرف بزعامة البيض، مرور 20 عاماً على حرب صيف 1994م ، بعد أن نظرت إليها السلطات على أنها تصدّت للمشروع الانفصالي حينها ، فيما يعتبرها الحراكيون مهّدت؛ لاحتلال شمالي للجنوب، وفرضت الوحدة بالقوة ، - إضافة - إلى أن عام 2014 م يمثل الذكرى العاشرة لاندلاع أول حرب بين الجيش اليمني، والمتمردين الحوثيين في 18 يونيو 2004 م.
وعليه، فإن التعامل مع الأجندة الإيرانية الخفية، والمهددة لأمن دول الخليج، ولأمن البحر الأحمر، يستدعي تنسيقا خليجيا؛ من أجل تقديم العون للسلطات اليمنية، ودعم شرعيتها، والعمل على إجهاض المخطط الإيراني في المنطقة، وإخماد فتنة الحوثيين في الشمال، والانفصاليين في الجنوب، اللذين سيسعيان إلى تقسيم وحدة اليمن، وتحويل الثقل السني من أكثرية إلى أقلية مستضعفة.