في وقت تشهد فيه الساحة العربية تحولات جذرية في المشهد السياسي، يأتي تعليق عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، والرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى - الشيخ - صالح بن محمد اللحيدان في محاضرة له - أخيراً - ، في مسجد الإسراء - قبل أيام -، بأن: «الإخوان المسلمين ليسوا على منهج الإسلام الحقيقي، وأنهم يزعمون أن المسلمين لم يفهموا الإسلام كما فهموه هم»؛ بيانا للحق، وتصحيحا للخطأ، وتوضيحا للصواب، ورعاية للشريعة من هذه الدعوة المستحدثة.
عند تأمل هذه الجماعة - فكرا ومنهجا وتاريخا -، تبرز بدعا ضالة، تولدت عن فتنة التحزب للجماعة، - سواء - في أفكارها، أو في أفرادها، والعمل على الحصول على البيعة من الأتباع، والتي تضمنت الولاء، والبراء للجماعة، فمزقت شمل الأمة، وانشغلوا بالسياسة، والوصول إلى الحكم على أمر العقيدة، والتوحيد، فهم ما بين عقيدة الأشاعرة، وعقيدة المفوضة، وهذه العقيدة موجودة في كتبهم، يعتقدونها، ويرونها هي عقيدة المسلمين، - إضافة - إلى تعاطفهم اللافت مع ثورة الخميني حين قامت، ووصل بهم الحال أن جعلوا الخلافات مع الرافضة من قبيل الخلافات التي يمكن تجاوزها. وهي - بلا شك - أخطاء منهجية، نتج عنها أخطاء فادحة في قراراتهم السياسية؛ بسبب غياب صفاء المنهج، والاعتقاد، والتصور.
ولأن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإن المقصد يجب أن يكون شرعيا، وأن تكون طريقة الوصول إليه شرعية . وعندما غابت تلك القاعدة عن جماعة الإخوان المسلمين، كانت حزبيتهم سببا في ضعف الأمة، وانحرافها عن المنهج الحق، ففقدت بوصلة طرق الاستدلال، ودُفعت نحو الغلو، والتساهل ؛ بسبب التعصب للهيئات - أحزابا كانوا أو تجمعات -، - ومثله - التعلق بالأعيان - قادة كانوا أو شيوخا -، كل ذلك ؛ بسبب الخلط بين المبدأ الممثل في الإسلام، والشخص القائم بالعمل.
سيكبر الأمل عندما تلتزام هذه الحركة منهج أهل السنة، والجماعة، بفهم السلف الصالح، كونه منهجا معصوما من الزلل، والخطأ ؛ ولأنه قائم على القرآن، والسنة بفهم الصحابة، ومن تابعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وغياب هذا السبب الأساس، هو ما لوحظ على الجماعة من عدم انضباطهم بمنهج السلف في الفهم، والعمل، والسلوك، - وكذلك - في العقيدة، والمنهج، والشريعة، والأخلاق.
وحتى لا نبتعد عن موضوعنا الأصلي، فإن هناك فرق بين وضوح المبادئ، وميوعتها، وبين المداراة، والمداهنة ؛ لنخلص إلى خلق الأداة التصحيحية في جانب الوعي، وهذا ما أقصده، وهو تكوين العقلية المنهجية الصحيحة، وبعيدا عن توظيف الدين لأغراض سياسية.
ولا يكتمل التصور عن هذه الجماعة إلا بفحص منهجها، وضرورة إخضاعها للدراسات العلمية، ومن ذلك : دراسة مضامين أطروحات الجماعة، وتحليلها، ونقدها، وبيان تناقضاتها، - خصوصا - ونحن نشهد على الساحة أوضاعا مؤلمة لتجارب، وأيديولوجيات لمن ليس لهم باع في العلوم الشرعية، - وربما - انتهت بهم إلى شتات . فالمآخذ عليهم لم تقتصر على المواقف السياسية - كما تبين -، بل وُجه لها النقد في كثير من الجوانب العقائدية، والمنهجية، وأقوال الأتباع.