ازدادت الأوضاع توترًا في شرق أوكرانيا الناطقة بالروسية، إِذْ دخلت مدرعات ترفع علم روسيا صباح أمس الأربعاء مدينة سلافيانسك، فيما تحدَّثت كييف عن أوامر روسية بقتل الجنود الأوكرانيين، وذلك غداة تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من حرب أهلية.
وتتأزم الأوضاع على الأرض قبل يوم واحد من محادثات دبلوماسية رفيعة المستوى ستعقد الخميس في جنيف، وبعد إرسال كييف قوات إلى الشرق لطرد الانفصاليين الموالين لموسكو.
وتوجه وزير الدفاع الأوكراني ميخايلو كوفال الأربعاء إلى شرق البلاد، بحسب ما نقلت وكالات الأنباء عن نائب رئيس الحكومة فيتالي ياريما، الذي أوضح أن الوزير «سينقل لاحقًا ما يحصل هناك».
ونقل مراسل لوكالة فرانس برس في مدينة سلافيانسك أنّه شاهد ست مدرعات على الأقل، بعضها يرفع علم روسيا، وتنقل عشرات الرجال المسلحين تعبر المدينة.
ونقلت وسائل إعلام روسية أن المدرعات تقل قوات أوكرانية قرّرت الانضمام إلى الانفصاليين. ولكن في حديث لوكالة فرانس برس قال الجيش الأوكراني أنّه ليس لديه أيّ تقارير حول الاستيلاء على آليات للجيش الأوكراني.
وفي دونيتسك دخل حوالي 20 رجلاً مسلحًا وملثمًا صباحًا مبنى البلدية، بحسب ما شاهدت مراسلة لوكالة فرانس برس. وهم يؤكِّدون أن مطلبهم الوحيد تنظيم استفتاء حول اعتماد «الفدرالية» في أوكرانيا.
أما السلطات في كييف فصعدت حربها الكلامية ضد موسكو، إذ اتهم رئيس الحكومة أرسيني ياتسينيوك روسيا بمحاولة بناء «جدار برلين جديد» من شأنه أن يعرض أمن أوروبا للخطر. وتابع ياتسينيوك أنّه على الحكومة الروسية سحب مجموعاتها، و»إدانة الإرهابيين ومطالبتهم بمغادرة المنشآت» الحكوميَّة. ولكنه أكَّد أيْضًا أن كييف ملتزمة بمحادثات السَّلام بين روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأوكرانيا.
من جهتها، أعلنت الاستخبارات الأوكرانية أنها اعترضت اتِّصالات تفيد بأن القيادات العسكرية الروسية في شرق البلاد أصدرت أوامر للمقاتلين الموالين للكرملين بـ»إطلاق النار للقتل» بعدما باشرت كييف عملية عسكرية لطردهم.
وجاء في بيان للاستخبارات الأوكرانية أن الاتِّصالات التي اعترضتها «تبيّن أن ضباطًا نظاميين في الاستخبارات العسكرية الروسية يقودون بكلِّ وضوح عمليات التآمر في شرق أوكرانيا، وأصدروا أوامر بإطلاق النار للقتل ضد الجنود الأوكرانيين». كذلك تحدَّثت وزارة الدفاع الأوكرانية أن مسلحين موالين لروسيا أسروا ضابطًا وجنديًّا أوكرانيين في منطقة لوغانسك في شرق البلاد.
وأشارت الوزارة إلى أن «الرهينتين»، اعتقلهما «متطرفون» الثلاثاء وتم اقتيادهما إلى مكان مجهول. وكانت السلطات في كييف أعلنت الثلاثاء إطلاق «عملية لمكافحة الإرهاب»، وأرسلت الدبابات باتجاه سلافيانسك، المدينة التي تحولت إلى رمز للحراك الانفصالي في الشرق، إِذْ إنها خاضعة لسيطرة مسلحين موالين لروسيا. وعدّ إرسال رتل من 20 دبابة وناقلة جنود مدرعة إلى سلافيانسك أقوى رد من الحكومة الأوكرانية الموالية للغرب على سيطرة الانفصاليين على مبانٍ حكومية في حوالي عشر مدن في المنطقة الشرقية الصناعيَّة.
وتطلب ذلك من الرئيس الروسي ردًّا صارمًا إِذْ حذّر خلال اتِّصال هاتفي مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل من أن أوكرانيا أصبحت «على شفير حرب أهلية».
وجاء في بيان للرئاسة الروسية أنّه خلال المكالمة الهاتفية «لفت الرئيس الروسي إلى أن التصعيد العنيف للنزاع وضع البلاد، في الواقع، على شفير حرب أهلية».
ولكن البيان أكَّد أيْضًا أن بوتين وميركل «شددا على أهمية» المحادثات الرباعية المقرَّرة.
وفي بيان آخر وصف الكرملين العملية العسكرية الأوكرانية ضد «حركات الاحتجاج السلمية» بأنها «المناهضة للدستور»، وجاء في البيان أن «روسيا تتوقع إدانة واضحة من قبل الأمم المتحدة والأسرة الدوليَّة لتحركات» أوكرانيا التي عدّ بوتين أنها فاقمت الى حد كبير الأزمة.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فعبر عن قلقه الشديد من تفاقم الأزمة في شرق أوكرانيا، وقال للرئيس الروسي: إنه على المعنيين جميعًا العمل من أجل تهدئة الأوضاع.
من جهته أشاد البيت الأبيض بالعمليات العسكرية «المدروسة» التي أطلقتها السلطات في كييف في مواجهة الانفصاليين. وأشارت واشنطن أيْضًا إلى أنها تنسق مع حلفائها الأوروبيين من أجل فرض عقوبات إضافية على روسيا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجيَّة جين بساكي: إن «فريقنا المكلف بالأمن القومي يجري مشاورات مكثفة حول رزمة مقبلة من العقوبات»، مستبعدة أن يحصل ذلك قبل محادثات جنيف.
وانتقدت وزارة الخارجيَّة الروسية «الاتهامات المجانية» التي تطلقها باريس، وقالت في بيان: إنّه من الأفضل لفرنسا أن «تركز جهودها على احترام التزاماتها» كضامن لاتفاقيات الـ21 من شباط - فبراير حول التَّوصُّل إلى حل سياسي في أوكرانيا.