أهم شيء الإخوان

يروي أجدادنا قصة فيها من العبر الشيء الكثير، ملخصها أن شاعرة بدوية وفدت على أحد شيوخ قبائل الصحراء ليفك أسر ابنها وزوجها وأخيها القابعين في سجونه، استقبلها بترحاب، وسألها: اختاري واحدا منهم؟ وبدا جاداً في سؤاله ولا مجال لديه للنقاش، فقالت فورا: «أخي».

سألها لماذا؟ قالت: «الزوج بداله زوج، والأولاد يأتون معه، أما الأخ، فلا بديل له، وإن تخطفته المنون لا يعود. هنا، ونظراً لرجاحة عقلها وسلامة منطقها وصدق إجابتها أطلق الشيخ الثلاثة: الزوج والابن والأخ.

هكذا تروى القصة، نقلتها هنا بكثير من التصرف، ولكنها تؤكد لكل العوائل السعودية أن (الإخوان الأشقاء) لا يعادلهم شيء في الدنيا وأن اتحادهم قوة لبناء أسرة متماسكة، نقول ذلك في ظل مشكلات عائلية على مستوى الإخوان الأشقاء لا حصر لها، مشكلات مالية، ومشكلات لها علاقة (بالحريم) ومشكلات لها علاقة بالمخدرات...

الأخ هو عماد الأسرة وليس الأب أو الأم، فمهما ابتعد الإخوة يظلون مصدراً للتعاون والتكاتف وهم عناصر لا تستغني عنهم الأسر، ولا مجال للجدل في هذا الموضوع رغم أنه (مهمل) إلى حد كبير في الخطاب العائلي ما يجعلنا نؤكد ضرورة وجود مثل هذه القصص في مناهج التعليم العام بدلاً من القصص التي تروج للإخوة في الحزب.

ليس كل مجموعة تنتسب لها هم (إخوان) لك، أو إخوة في الإسلام، فهذه الأخوّة البريئة حولها الكثير إلى (حزب) حركي، له مضامين سياسية لا حصر لها، ولا يعلم هذا (الأخ الحزبي) إلى أي أتون يقذف به فيها، فطالما أنك (أخ غير شقيق) فقد يضعك القادة الخلفيون ترسا تطؤه الأقدام، أما (الأخ الشقيق) الواعي لأهمية هذا العرق العائلي فلا يمكن أن يضحي بك لأنه يعرف قيمتك الأسرية، ويعرف أهمية الرحم التي تجمعه بك.

ومن جانب آخر، فبالقدر الذي ينشأ في ثقافتنا مشكلات لا حصر بين (الإخوة الأشقاء)، نرى اتحاداً متطرفاً (بين الإخوان على مستوى الحزب) لا تفسير له سوى المنطق السياسي الذي يجمع عناصره تحت سقف واحد، ومنهم من ترك (أخاه) الشقيق، ويمم شطر أخ أيدلوجي غير شقيق، قاطعاً بذلك صلة الرحم من أجل دنيا فانية، فأهم شيء الإخوان الأشقاء.