حضور القنوات السعودية بصورة لافتة في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون الأخير يعد مؤشراً إيجابياً في تقدّم هيئة الإذاعة والتلفزيون خطوات للأمام ويعطي انطباعاً واضحاً أن الإدارة الجديدة بقيادة أ. عبد الرحمن الهزاع وفريقه من النواب والعاملين يسيرون بخطى متزنة باتجاه تطلعات المشاهدين، لا تحرق المراحل ولا تستعجل النتائج ولا تعمل بردود الأفعال السريعة.
الهزاع بحكمته وروِيَّته يقود السفينة بهدوء وفي الطريق الصحيح, ما يجعلنا نتأكد أن التغيير المدروس أفضل من التغييرات السريعة, ليس بالضرورة أن ترى النتائج الآن, ولكن من الضروري أن ترى نتائج ناضجة حتى لو انتظرنا بعضاً من الزمن.
واستقلال هيئة الإذاعة والتلفزيون لا يعني تحولها إلى (تلفزيون تجاري), هذا شيء وذاك شيء آخر, ولا يعني أن نرى في القنوات السعودية ما نراه في القنوات التجارية على اعتبار أن قنوات التلفزيون تظل قنوات حكومية لها سياسات محددة وإطار معين ولا مجال لأن تنافس القنوات التجارية المملوكة لرجال أعمال في بعض (التحرر), ولكن المنافسة في الجانب الفني والاستقطاب الجماهيري, وهذا ما فعلته هيئة الإذاعة التلفزيون باقتدار مكنتها من إيجاد تنافس من المنتجين والمعلنين على دخول القنوات السعودية, وهذا أكبر جائزة يمكن أن تحققها الهيئة.
المشكلة عند البعض أنهم يريدون أن تكون القنوات السعودية, شبيهة بالقنوات التجارية, ويرون تميزها مرهوناً بمحتوى (منفلت) نوعاً ما, وهذا محل نظر, أما الحقيقة فهي أن القنوات السعودية تميزها مرهوناً (برصانتها) ومحافظتها على الذوق العام, وهي منطقة تنافس كبرى وسط مجتمع واع يحفظ للتلفزيون السعودي سياسته الحكيمة.
التلفزيون السعودي ليس (مسلسلات درامية) فحسب, ولا ينبغي أن نحكم عليه من هذا الجانب, هناك برامج متعددة ومتنوعة لا تقل أهمية عن المسلسلات الدرامية, وحققت نتائج متقدمة في المهرجانات الخليجية والعربية, وهناك ملايين المشاهدين يتابعون القنوات السعودية, والإحصائيات سجلت في ذلك مستويات عالية يعرفها الجميع.
هيئة الإذاعة والتلفزيون في بداية تكونها تعمل من خلال عينين: عين تتطلع للمستقبل وعين تعالج الإرث الكبير الذي ورثته من الأنظمة الإدارية السابقة وهي مهمة شاقة تحتاج إلى وقت حتى نصل إلى نقطة (التعادل), التغييرات المدروسة التي تعمل عليها الهيئة بهدوء هي التي تستحق الإشادة بعيداً عن الضجيج الإعلامي.