عندما قام الملك عبد العزيز - رحمه الله - باستعادة الرياض في بداية شهر شوال من سنة 1319هـ، واستقر له الأمر في العاصمة الرياض عرض الحكم على والده الإمام عبد الرحمن - رحمه الله -، وذلك تقديراً منه لوالده وفي نفس الوقت تواضع منه، إلا أن الإمام عبد الرحمن اعتذر تشجيعاً ودعماً منه لابنه البار الذي بذل جهوداً مضنية وخطيرة لاستعادة الحكم.
وبعد اكتمال التأسيس سنة 1351هـ بسنة واحدة عيَّن الملك عبد العزيز ابنه الأكبر (سعود) - رحمه الله - ولياً للعهد ليس فقط لكونه أكبر أبناء الملك عبد العزيز الأحياء سناً بل لكفاءته أيضاً، فالملك سعود بذل جهوداً مع والده في مرحلة التأسيس وكذلك الابنين الثاني والثالث (فيصل ومحمد) - رحمهما الله - حيث لهما لمسات مشهودة في التأسيس لكونهما الأكبر سناً في تلك المرحلة، وهو الأمر الذي أدى بالملك سعود سنة 1373هـ إلى تعيين أخيه فيصل ولياً لعهده إضافة إلى عامل السن.
وعندما اعتذر الأمير محمد عن تولي ولاية العهد بعد أن عرضها عليه الملك فيصل آلت الولاية بتاريخ 24-11-1384هــ للابن الرابع (خالد) - رحمه الله - الذي كان يتميز بالورع والتواضع والإخلاص لإخوانه الذين سبقوه في تولي الحكم.. وهكذا استمر تولي ولاية العهد على أساس السن والكفاءة والرغبة الشخصية أيضاً.
وبعد أن صدر النظام الأساسي للحكم سنة 1412هـ، اعتبر هذا النظام الكفاية والصلاحية هما الشرط الأساسي لتولي الحكم.
ومن هذا المنطلق جاء قرار الملك عبد الله، وبتأييد من سمو ولي عهده - حفظهما الله - بتعيين سمو الأمير مقرن ولياً لولي العهد.
وهو الحدث الذي كان محل ترحيب داخل الأسرة، بل داخل الوطن وخارجه والذي أعطى المملكة مزيداً من الوحدة والتماسك أمام ما تواجهه منطقتنا من تحديات.
لقد كان أمراً طيباً أن نرى كبار أفراد الأسرة المالكة، وهم يشدون على يد الأمير مقرن، مؤيدين له في حمل هذه الأمانة الوطنية الكبيرة.. بل إن هذا الإجراء قطع الطريق أمام المتربصين والحاقدين على المملكة، فقد كانوا يعتقدون اقتراب وصول بلادنا إلى مرحلة الأسوأ، فجاء هذا القرار ليبدد أحلامهم وأوهامهم.
إن تعيين الأمير مقرن الذي يتسم بالحيوية ومحبة العمل والتواضع في هذا المنصب يُعد مفصلاً تاريخياً ومرحلة مهمة لمؤسسة الحكم باعتباره أصغر أبناء الملك عبد العزيز الموجودين على قيد الحياة، وقد يكون هذا التعيين صمام أمان للمرحلة الانتقالية بين حكم الأبناء وأبناء الأبناء من سلالة الملك المؤسس، وهو الأمر الذي يعني - بإذن الله - استمرار بلادنا على أمنها واستقرارها وازدهار اقتصادها وثقلها الدولي.
ونسأل المولى عز وجل أن يديم ذلك على بلادنا، وأن تستمر المملكة في خدمة الإسلام والدعوة إليه وفق منهج الحنيفية السمحة، كما أكد على ذلك الأمير مقرن عند زيارته لسماحة المفتي في المستشفى للاطمئنان على صحته.