تابعت حواراً إذاعياً في إحدى الإذاعات العربية بين أستاذ جامعي متخصص في علم النفس والاجتماع وبين المستمعين.
وكانت طروحات هذا الأستاذ في أغلب وقت البرنامج مرضية للجمهور ربما لأنها تنسجم مع واقعهم ومع تطلعاتهم.
ولكن جمهور المستمعين مع قرب انتهاء البرنامج قد تغير مزاجه، بل وانطباعاته تجاه ضيف البرنامج عندما طرح على المستمعين فكرة تدور حول أهمية استعداد كل إنسان للأسوأ في حياته وعلى الرغم من أن الأستاذ الجامعي قد شرح فكرته وأنها لا تخرج عن طبيعة الحياة وأن هدفها هو ألا يتفاجأ المرء بأي واقعة سلبية تمر عليه في مشوار حياته إلا أن غالبية المستمعين وصفوا هذا الطرح بأنه متشائم وغير مريح.
والحقيقة في هذا الموضوع أن هذا الأستاذ المتخصص في علم النفس والاجتماع محق في فكرته باعتبار أن الحياة التي نعيشها تتسم بالتقلب وعدم الاستمرار على وتيرة واحدة وهو أمر ينسجم مع هدف الحياة التي جعلها المولى -عزَّ وجلَّ- حياة مؤقتة وممهدة لحياة أفضل.
ذلك أن ما يحصل لأي منا في هذه الحياة من سعادة أو شقاء ومن نجاح أو فشل ومن صحة أو مرض، ومن صبر على المآسي وجزع منها إنما يدخل في إطار الامتحان الذي وضعنا فيه في هذه الحياة.
لذا فإن الإنسان المتصف بقوة الإرادة النابعة من صدق الإيمان لن يستغرب ما يحصل له في حياته مما يلي:
* قد يكون اليوم مبتسماً وسعيداً وقد يكون غداً حزيناً وكئيباً.
* قد يكون اليوم صحيحاً وسليماً وقد يداهمه في الغد المرض فيصبح ضعيفاً وهزيلاً.
* قد يكون اليوم صاحب أسرة متماسكة، وقد يصبح في الغد وأسرته متفرقة ومتشتتة.
* قد يكون اليوم نزيهاً وبريئاً من الأخطاء، وقد يكون غداً متهماً في قضية لم تخطر بباله.
* قد يكون اليوم ناجحاً في عمله أو تجارته وقد يصحو غداً وهو فاشلاً أو مفلساً.
* قد يكون لديه اليوم ولد صالح وقد تغير الأقدار هذا الابن إلى حالة معاكسة.
* قد يعيش الإنسان اليوم مع أسرته في سعادة وتآلف وقد يفقد غداً أسرته أو بعض أفراد أسرته بسبب أي من نكبات الدهر.
إذاً هذه الحالات وغيرها قد يحدث بعضاً منها لأي منا، بل إنها تحصل للكثير منا ولذلك فإن الإنسان غير المؤمن قد لا يتحمل أي من هذه المصائب فتراه يلجأ لإنهاء حياته، أما الإنسان المؤمن وبالذات المسلم.
فقد حصنه دينه لمواجهة تقلبات الحياة بما يلي:
* الصبر وقد وصف رسول الله محمد صلى عليه وسلم هذا النوع من الصبر الذي يكون جزاؤه رضوان الله وعفوه وكرمه هو الذي يحصل عند الصدمة الأولى للمصيبة.
* الإيمان بالقضاء والقدر الذي يعتبر من ركائز الدين فما يحصل للإنسان أو أحد أبنائه أو أقاربه مقيد عند الله عزَّ وجلَّ في اللوح المحفوظ قبل خلق الإنسان.
* أن المصائب التي تحصل للإنسان المؤمن قد تكون تكفيراً لذنوبه وقد تكون دافعاً له إلى مراجعة نفسه وتقدير حساباته وقد يؤدي به ذلك إلى نجاح لم يخطر على باله.