روسيا دولة كبيرة وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي لكونها وريثة الاتحاد السوفيتي انتقلت من حكم شمولي إلى حكم ديمقراطي نسبياً، وكان هذا الانتقال في أسلوب الحكم يتطلب منها بالإضافة لكونها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي الدفاع عن حقوق الانسان وكرامة الشعوب، وهو الأمر الذي لم يحس به المجتمع الدولي أثناء تعاملها مع ثورة الشعب السوري، فرغم أنها تدرك أن الثورة في سوريا هي ثورة شعبية، ورغم ما قام به نظام الأسد من قتل وتشريد واعتقالات واغتصاب وقصف بالطائرات والدبابات والصواريخ ومحاصرة المدن السورية، ورغم أن النظام السوري قائم على حكم الأقلية وتهميش الأكثرية.
رغم ذلك كله اختارت روسيا الوقوف مع النظام فصوتت، ثلاث مرات في مجلس الأمن الدولي لاسقاط ثلاث قرارات كانت كفيلة بانهاء الأزمة السورية وإحلال السلام.
كما أمدته وباستمرار بالسلاح والخبرات وكأنه يحارب دولة أخرى وليس الشعب، كما أنها تتحدث عن الثورة كما يتحدث النظام بانها عبارة عن إرهابيين وعصابات مسلحة.
ومع ذلك، فإن روسيا عندما ما ترى جدية في مواقف الغرب لصالح الثورة السورية تتحدث بأن حل القضية يتمثل في العودة للحوار في جنيف (2) انطلاقاً من جنيف (1) مع أنها هي التي أجهضت جنيف (1) عندما إدعت ان الحكومة الانتقالية التي نص عليها جنيف (1) ليست بذات صلاحيات شاملة وهو الأمر الذي يعني بقاء حكم الأسد وتأليف حكومة انتقالية شكلية.
وقبل العودة إلى جنيف (2) الذي بدأ أعماله يوم الأربعاء الموافق (22-1-2014م) لوحظ أيضاً كدليل على عدم جدية روسيا لحل المشكلة السورية اصرارها على مشاركة ايران في جنيف (2) لكون ايران تتبنى نفس الموقف الروسي، بل أزيد منه فإيران هي جزء من المشكلة، فهي تحارب مع قوات الأسد ضد الثوار السوريين عن طريق حرسها الثوري وقوات حزب الله فإيران جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل.
وقد دعيت إيران لحضور جنيف (2) ثم سحبت الدعوة بضغوط من الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بعد أن أعلنت إيران بأنها تعارض إقامة حكومة إنتقالية في سوريا لتحل مكان حكومة الأسد مما جعل روسيا تعبر عن ذلك بأن سحب دعوة ايران لحضور جنيف (2) يعتبر خطاً كبيراً ولكنه ليس بكارثة.
ومع بداية جنيف (2) لوحظ أيضاً عدم جدية روسيا للوصول إلى حل عادل ينصف الشعب السوري عندما تجاهل وزير الخارجية الروسي (الحكومة الانتقالية) مع تقليله من شأن المعارضة السورية التي دعاها لأن تكون جزءاً من الحوار الوطني.
وبعد ذلك إضافة لما ورد في خطاب وزير الخارجية السوري من مغالطات مؤشراً مبكراً على أن مصير جنيف (2) سيكون مشابها لجنيف (1) مما قد يدعو الدول الغربية في التفكير في حل جديد للقضية بعيداً عن روسيا، والله غالب على أمره.