يبدو أن أطفالنا تجاوزوا أطفال الإنجليز بمراحل نحو التقنية واستخداماتها، لم يعد منظر حمل وتعامل (طفل سعودي) مع الهاتف الذكي، ومشاهدة مقاطع (كيك) أو (يوتيوب) في مكان عام وأمام الناس أمراً لافتاً، فالمسألة باتت عادية، والكل متقبل للمشهد؟!.
في الغرب المسألة (خطيرة جداً)، وقد ينتج عنها مشاكل قضائية ومحاكمة لمن عرض الطفل لمثل هذا التصرف الذي يهدد (طفولة الصغير) ويعرضه لخطر محدق كون هذا (الجهاز أو ذاك) قد يسبب أذى جسديا أو نفسيا للصغير!
هذا المفهوم تبدد تدريجياً مع ظهور آخر صرعات الموضة في بريطانيا، بظهور هاتف (أول خط) المخصص للأطفال ما بين سن (4 - 9 سنوات)، وهو هاتف أثار جدلاً واسعاً في المجتمع البريطاني (هذا الشهر) لأنه يعتبر متاجرة ببراءة الأطفال!.
صحيفة (الديلي تلغراف) علقت على الموضوع بالقول إن الهاتف الجديد (آمن) كونه غير مزود بخاصية الإنترنت أو كتابة الرسائل الهاتفية، أو تشغيل مقاطع الفيديو، وهو وسيلة لبقاء الطفل على اتصال بوالديه طوال الوقت للحفاظ عليه مع تكاثر جرائم الخطف، ورغم أن خدمة الهاتف محصورة بمجرد نقل الصوت واستقباله، إلا أن فكرة وجود رقم (هاتف مستقل) للطفل في هذا السن هو ما سبب ذعراً كبيراً في أوساط (جماعات رعاية وحقوق الطفل البريطانية)، التي ترى أن منح الطفل في هذا العمر هاتفاً مستقلاً، هو استغلال لجني أرباح لا أكثر، وهو أمر غير رشيد من الوالدين وجشع تجار، وقد يساعد على انتهاك حقوق الطفل لأن الهدف منه تجاري بحت، بينما آخرون يرون أن الطفل البريطاني بات (مُتأخراً تقنياً) بسبب مثل هذه المخاوف، وأن تصنيع هاتف (لصغار السن) فكرة جيدة وإيجابية !.
السؤال: هل نحن في المجتمع السعودي نسير في الطريق الصحيح بترك (الحبل على الغارب) لأطفالنا بالتعاطي وامتلاك هواتف في سن مبكرة معتقدين أن ذلك من التقدم والتطور؟!.
اليوم معظم أطفالنا يستطيعون التعامل مع (هواتف آبائهم) باحترافية، من دخول لمواقع التواصل واليوتيوب والكيك إلى تشغيل أي مقاطع موسيقية أو فيديو مخزن بداخل الجهاز إن لم يمتلكوا مثله أصلاً!.
إذا كان الغرب يرفض مثل هذا التصرف، والشرق يحارب استقلالية التقنية للأطفال، فمن أين ابتلينا بهذه الموضة إذاً ؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.