لعبت المرأة المسلمة دورًا كبيرًا في دعم الرسالة المحمدية ونشر الإسلام سواء كان ذلك في حياة المصطفى عليه السَّلام أو بعد وفاته... للأسف ولأن من يكتب التاريخ كان باستمرار رجلاً لذا لا نجد الكثير مما كتب حول الكثير من النسوة المسلمات اللاتي ساهمن بصبرهن ودعمهن المادي وغير المادي في إعلاء رسالة التوحيد.
لعل أبرزهن بالطبع زوجتا الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم خديجة بنت خويلد والسيدة عائشة رضوان الله عليهما لكني اليوم أودُّ أن ألقي الضوء على أخريات ساهمن بكفاحهن المباشر مع المصطفى عليه السَّلام في ساحات الوغى أو من خلال أدوارهن المدنية عبر التَّعليم والتطبيب وغيره.
مناضلة معروفة تحدَّثت الكتب التاريخية عن جسارتها في تحدي الكفار وتحمل صنوف التعذيب التي لا تطاق في سبيل إعلان إسلامها هي الصحابية سمية بنت الخياط التي لقبت بأول شهيدة في الإسلام وكانت ضمن أول سبعة أعلنوا إسلامهم في مكة، كما كانت ثاني امرأة تدخل الإسلام بعد السيدة خديجة رضي الله عنها وبشرهم النَّبيّ صلّى الله عليه وسلَّم هي وزوجها وأبناؤها بالجنَّة بمقولته الشهيرة (صبرًا آل ياسر فإنَّ موعدكم الجنة).
تشير الكتب التاريخية وبكثير من الأجلال والإكبار أيْضًا إلى السيدة نسيبة بنت كعب التي ساهمت في إنقاذ الحبيب المصطفى والذود عنه في معركة أحد.
وتقول عن نفسها: رأيتُني وقد انكشف الناس عن رسول الله فما بقي إلا نفر لا يتمُّون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذبّ عنه (ندافع عنه)، والناس يمرون به منهزمِين، ورآني لا تِرْسَ معي، فرأى رجلاً موليًا معه ترس، فقال (لصاحب الترْس): «ألْقِ تِرْسَكَ إلى مَنْ يقاتل». فألقى تِرْسَه، فأخذتُه، فجعلتُ أتَتَرَّسُ به عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم)، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، لو كانوا رجالاً مثلنا، أصبناهم إن شاء اللّه، فأقبل رجل على فرس، فضربني وتترستُ له، فلم يصنع سيفُه شيئًا، وولَّي، فضربتُ عرقوب فرسه، فوقع على ظهره، فجعل النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم يصيح: يا ابن أم عمارة، أمك أمك، فعاونني عليه حتَّى أوردته شَعُوب (الموت). فسمعتُ رسول اللّه صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «بارك اللّه عليكم من أهل بيت، رحمكم اللّه - أهل البيت-» [ابن سعد].
تلقت نسبية من جراء حمايتها لرسول الله ثلاث عشرة طعنة وظلت سنة كاملة على فراشها حيث كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعودها ويأكل العشاء معها.
الفارسة المغوارة خولة بنت الأزور تقدم نموذجًا نادرًا لشجاعة مذهلة من محاربة لا تلين. ارتبط اسمها بواقعة أجنادين حيث التحم المسلمون بقيادة خالد بن الوليد بالروم بقيادة هرقل، وهي أذهلت ببسالتها وشهامتها من حولها من المحاربين من الطرفين. حاربت مستخفية لإطلاق سراح أخيها ضرار من الأسر حيث دخلت بلثامها مخترقة صفوف الروم، وأعملت السيف فيهم، فأربكت الجنود، وزعزعت الصفوف، وتطايرت الرؤوس، وسقطت الجثث على الأرض، وتعالت الصَّرَخات من الأعداء والتكبيرات من جيش المسلمين.
لمح قائد المسلمين خالد بن الوليد الفارس المغوار الملثم.. فقال: ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم أنّه لفارس شجاع المسلمين.
لكن! ما لبث الفارس الملثم أن اقترب من جيش المسلمين وعليه آثار الدماء بعد أن قتل كثيرًا من الأعداء، فصاح خالد والمسلمون: للَّه درُّك من فارس بذل نفسه في سبيل اللَّه! اكشف لنا عن لثامك. لكن الفارس لم يستجب لطلبهم، وانزوى بعيدًا عن المسلمين، فذهب إليه خالد وخاطبه قائلاً: ويحك لقد شغَّلت قلوب الناس وقلبي لفعلك، من أنت؟ فأجابه: إنني يا أمير لم أُعرِضْ عنك إلا حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور. فلما علم خالد أنها امرأة سألها - وقد تعجَّب من صنيعها-: وما قصتك؟ فقالت المرأة: علمتُ أن أخي ضرارًا قد وقع أسيرًا في أيدي الأعداء، فركبتُ وفعلتُ ما فعلتُ. قال خالد: سوف نقاتلهم جميعًا ونرجو اللَّه أن نصل إلى أخيكِ فنفكه من الأسر.
انتصر المسلمون في المعركة لكن أخاها كان ضمن الأسرى الذين تَمَّ إرسالهم مكبلين لملك الروم فماذا فعلت؟. أعد المسلمون كمينًا في الطريق فكانت معهم وحاربت بضراوة حتَّى أفرجت عن أخيها.
ولم تقف بسالتها وجسارتها عند هذا الحدّ فحين وقعت في أسر جيش الروم في موقعة صجورا هي ورهط من المسلمات تصرفت مباشرة كقائد فوضعت خطة للهرب تقضي بأن يتخذن أعمدة الخيام كسلاح لهن وأوصتهن بالبقاء متشابكات الأيدي فقاتلن الأعداء وحاربن محاربة الأبطال حتَّى فك الله أسرهن بقيادة هذه البطلة المغوارة!
بالطبع هناك عشرات الأسماء من مثل أسماء ذات النِّطاقين والشفعاء بنت عبد الله وغيرهن من النماذج المشرفة للنساء المسلمات.
المرأة المسلمة التي نبتغي هي هذه المرأة الواثقة المتمكنة المشاركة في السلم قبل الحرب لكنها قوية ومغوارة أن تطلب الأمر ذلك. كيف يمكن أن نقارن هذا الإقدام وهذه الشجاعة بواقع المرأة المسلمة اليوم؟؟ هذا الواقع المضطرب الذي خلق هذه الشخصيات النسائية المضطربة المحيطة بنا. المرأة المسلمة اليوم لا تسطيع أن تدرس أو تعمل أو تستخرج أوراقًا ثبوتية إلا بولي! المرأة المسلمة اليوم تقع تحت سوط القوانين وظلم التقاليد الموروثة.