بدأت الدول العظمى وإيران جولة جديدة من المحادثات أمس الثلاثاء في فيينا على أمل التوصل إلى اتفاق نهائي يمكن أن يضع حداً بحلول الصيف للتوتر الذي يثيره البرنامج النووي الإيراني.
ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة هذه المفاوضات خلال جلسة الثلاثاء، وهي الثالثة منذ أن وافقت إيران في تشرين الثاني - نوفمبر على تعليق قسم من نشاطاتها النووية لقاء رفع جزئي للعقوبات التي تشل اقتصادها.
وصرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى وصوله إلى العاصمة النمساوية: «سنسعى لإنهاء المحادثات خلال تلك الجولة (من المفاوضات) والبدء بصياغة مشروع اتفاق ابتداءً من شهر أرديبهشت (في التقويم الإيراني ويبدأ في 21 نيسان - أبريل)».
وتعوّل واشنطن أيضاً على بدء صياغة مسودة الاتفاق النهائي خلال الجلسة المقبلة في أيار - مايو.. وتأمل طهران في التوصل إلى اتفاق شامل قبل 20 تموز - يوليو يلحظ إلغاء كل عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مقابل ضمانات حول البرنامج النووي الإيراني السلمي.. لكن لا يزال من الضروري تقديم تنازلات كبيرة للتقريب بين وجهتي نظر إيران التي تدافع عن حقها في برنامج نووي سلمي والقوى العظمى التي تشتبه في أنها تستخدمه غطاء لحيازة السلاح النووي.. ويفترض أن يجتمع ظريف الذي يرأس الوفد المفاوض الإيراني، مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين إشتون على مائدة عشاء مساء اليوم الاثنين.
وتدير إشتون المفاوضات مع إيران باسم مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا).
ويبدو أن الجانبين حققا تقدماً في المحادثات حول تعاون نووي ممكن.. والمقترحات المطروحة على طاولة البحث تشمل مفاعل المياه الخفيفة والطب النووي والمحروقات الجديدة وتطبيق الأبحاث والتقدم النووي في المجال الزراعي. ومن النقاط الحساسة حجم برنامج تخصيب اليورانيوم.
عملياً لا يزال من الضروري الاتفاق حول عدد ونوع آلات الطرد المركزي (المستخدمة في التخصيب) التي تستخدمها إيران.. كما تتعثر المفاوضات حول مفاعل أراك الذي يعمل بالمياه الثقيلة والذي لا يزال قيد الإنشاء، لأنه يستخدم البلوتونيوم الذي يمكن أن يساهم في تصنيع القنبلة النووية.. وترفض إيران التخلي عن هذا المفاعل لكنها مستعدة لإجراء تعديلات تقنية فيه لتقليل كمية البلوتونيوم المستخدمة.
وصرحت دبلوماسية أميركية رفضت الكشف عن هويتها وتشارك في المفاوضات الاثنين: «نعمل على التقريب بين الموقفين لعلنا نتوصل إلى التركيبة الصحيحة».. وأضافت أن «وتيرة العمل ستتكثف أكثر من الآن».
ومن شأن التوصل إلى اتفاق أن يتيح لطهران الخروج من العزلة التي تحرم اقتصادها كل أسبوع من عدة مليارات من الدولارات من عائدات النفط.
وكان المسؤولون الإيرانيون أقروا في 20 آذار - مارس بمناسبة عيد النوروز (رأس السنة الإيرانية) بأن الأولوية هي لتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد.
ودعا الرئيس الأميركي باراك أوباما القادة الإيرانيين في اليوم نفسه إلى اغتنام الفرصة وتوقيع اتفاق حول الملف النووي سيفتح المجال أمام «ازدهار جديد للشعب الإيراني».. إلا أن الرهان يُعتبر كبيراً بالنسبة إلى أوباما فهو يشدد لدى حليفيه على أهمية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران وانعكاساته من أجل تحقيق السلام في المنطقة.. كما أن ترك قسم كبير من البنى التحتية النووية الإيرانية على حاله لن يتقبله أعضاء الكونغرس الأميركي وإسرائيل الدولة النووية الوحيدة غير المعلنة في الشرق الأوسط.
ومن الجانب الإيراني، فإن فريق المفاوضين يقوم بمهمته تحت أنظار ورقابة المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي الذي يُشكك في نجاحها.