عندما تتأمل في مناهجنا التعليمية تجد أننا ندرس طلابنا كل ما يخطر على بالك من أنواع التاريخ إلا نوعاً واحداً من التاريخ وهو (تاريخ العلم). وحتى عندما ندرس طلابنا تاريخ العلم فإننا ندرسه إلماحاً بهدف أن نقنع طلابنا أن لنا نحن المسلمون فضلاً سابقاً على حضارة الغرب اليوم.
أما الغرب فيدرس طلابه تاريخ العلم من أجل أن يدركوا ويستشعروا الأطوار والمراحل التراكمية التي مر بها العلم حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم، وليتصوروا كيف ولدت الحقائق والقوانين والنظريات العلمية بعد مخاض عسير، وبعد سلسلة طويلة من التجارب والمحاولات العلمية الفاشلة والناجحة أظهر خلالها العلماء صورة رائعة ومدهشة من التلاحم والتواصل العلمي بينهم، رغم اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وأعراقهم.
كل اكتشاف علمي خلفه معاناة وقصة طويلة تستحق أن تروى لطلابنا، هذه القصص العلمية التاريخية كفيلة بتزويد طلابنا بالحماس وبالطاقة التي تدفعهم ليسلكوا مسلك العلماء في البحث عن الحقيقة وتمحيصها.
إن مما يثير قلقنا على تعليمنا اليوم هو أن تعليمنا للعلوم ما زال للأسف متواضعاً بسسب تضخم المناهج، وعدم توفر الوقت الكافي للطلاب ليجربوا ويتقصوا ويكتشفوا، وغياب المختبر، وعدم تهيئة المعلم، وتواضع التجهيزات المعملية ونقص المصادر العلمية، هنا يصبح قلقنا عندئذ على مستقبلنا التنموي مشروعاً، خصوصاً إذا ما علمنا أن العلوم تشكل اليوم حجر الزاوية والعصب الرئيس لأي تقدم تكنولوجي حضاري.
- بوسطن