الجميع يتحدث عن أهمية مواجهة الإرهاب. كل الدول لا حديث لها إلا هذا الموضوع. فحتى الدول المنغمسة والغارقة حتى أعلى قمة من هامة رؤوس أنظمتها في الإرهاب تنظم مؤتمرات مكافحة الإرهاب، كما حصل قبل أيام في بغداد، عندما أراد نوري المالكي تحويل أنظار الشعب العراقي عن الفساد والفوضى والطائفية والإقصاء التي تمارسها حكومته. وقبل ذلك نظَّم نظام ملالي طهران مؤتمراً مشابهاً لذر الرماد في عيون من يرصد أفعال هذا النظام وتشجيعه للإرهاب.
يتحدثون عن مواجهة الإرهاب ولديهم أجهزة وفيالق مخصصة لتوجيه الإرهاب خارج وداخل بلادهم. ولنأخذ إيران نموذجاً، وحليفها في بغداد نوري المالكي.
في طهران شكّلت حكومة طهران منذ زمن خميني فيلقاً متخصصاً لممارسة الإرهاب خارج حدود إيران، وبالتحديد موجَّه للدول العربية. وزيادة في التقية التي عُرف بها النظام، أطلق على الفيلق اسم (فيلق القدس) لمخادعة العرب، وأسندت قيادة هذا الفيلق الذي يتبع الحرس الثوري الإيراني لجنرال الحرس قاسم سليماني، الذي برز في الحرب الإيرانية العراقية لقساوته وبطشه بالجنود العرب العراقيين. وبدأ هذا الفيلق في تشكيل التنظيمات الإرهابية في الدول العربية من خلايا نائمة وفصائل مسلحة وأحزاب طائفية، واستطاع أن يقيم في لبنان تنظيماً سياسياً وحزبياً مسلحاً أسماه (حزب الله)، وهم بعيدون عن تعاليم الله الذي يحرِّم القتل الجائر المبني على خدمة المصالح الطائفية.
واستطاع هذا التنظيم المسلح أن يسلب الدولة اللبنانية سيادتها وقرارها؛ إذ أقام دويلة داخل دولة لبنان، وها هو يقوم بأعمال إرهابية وعمليات حربية داخل سوريا من خلال خوضه حرباً عدوانية ضد الشعب السوري.
وفي العراق أنشأ فيلق القدس العديد من المليشيات الطائفية، بدأها بمنظمة بدر التي قامت بدور قذر في العراق، تمثل في اغتيال العلماء وأساتذة الجامعات العراقية والطيارين العراقيين الذين حاربوا في الحرب الإيرانية - العراقية.
وبعد بدر أنشأ ما يسمى بجيش المهدي، الذي نتيجة ارتكابه أعمالاً إجرامية أقدم الشيخ مقتدى الصدر على حلِّه؛ ليتحول إلى عصابات (عصائب الحق) التي تحمل الآن اسم أبو الفضل العباس، والتي تحارب في سوريا.
كما أنشأ الفيلق تنظيماً مسلحاً لا يحمل اسماً تابعاً لمجلس الثورة الإسلامية العراقية، وأشرف عليه باقر صولاغ، الذي غيَّر اسمه إلى اسم عربي، وشغل وزارة الداخلية العراقية التي استعملت (المصقاب الكهربائي) لانتزاع الاعترافات من المعتقلين.
هذا في العراق. وفي اليمن أعاد قاسم سليمان نشاط الحوثيين بأن وفَّر لهم (بعثات) التدريب والدراسة في قم وطهران والنجف؛ ليعودوا إلى اليمن ويشكلوا تنظيماً سياسياً وعسكرياً، أشبه بمليشيات حسن نصر الله، مهددين استقرار الجزيرة العربية.
وفي البحرين تنوعت أساليب فيلق القدس؛ إذ اعتمدت على معسكرات التدريب في العراق وجنوب لبنان لتكوين عصابات إرهابية، تمارس القتل والتدمير في البحرين.
هذا إيجاز ومختصر لما يقوم به فيلق القدس الإرهابي، ومع هذا لا يزال يعمل دون أن يتعرض له أحد؛ فلم يتم ضمه للمنظمات الإرهابية، ولا تزال الأنظمة التي تدعمه في إيران وسوريا والعراق تدعي السعي لمكافحة الإرهاب.