معظم الصحف الإلكترونية تتعامل بنظام (القص- واللصق) لخبر أو تقرير منشور في صحيفة إلكترونية أخرى، ولا تزيد عليه إلا بوضع اسم غير معروف على أنه صانع هذا الخبر، مع أن صاحب الاسم لم يكلف نفسه بالبحث والتقصي والتحقيق إلا بوضع اسمه، أو أن صاحب الصحيفة نفسه هو من وضع هذا الاسم المجهول.
أضف إلى هذا أن معظم الصحف الالكترونية لا تتحلى بأي مصداقية، وبعضها يقتات على تغريدات المشاهير في تويتر ويصنع منها مادة «مفخخة» وبعض الصحف لديه حس صحافي عالي في التقاط تغريدات مميزة وصناعة مادة جميلة منها، وهذا العمل المهني نادر أن يكون عبر الصحف الإلكترونية، التي صار معظمها يقتات على الكذب ويُعتبر من أهم مصادر ترويج الشائعات، مما جعلني شخصيًا لا أحترم هذا النوع من الصحافة الصفراء، ولا تتجاوز الصحف الإلكترونية التي أحترمها وأزور مواقعها وأقرأ ما لديها عن أصابع اليدين!
هناك خبر صادر عن المتحدث الرسمي في وزارة الثقافة والإعلام، الأستاذ عبدالعزيز العقيل، مفاده منح 41 صحيفة إلكترونية ستة أشهر لتصحيح أوضاعها، وإلا فإنها ستتعرض لعقوبة الحجب، وذلك بناء على المادة التاسعة من نظام النشر الإلكتروني والتي تتطلب ضرورة تحديث بيانات الترخيص، بمعنى أن هذا التهديد أتى بناء على تنظيمات إدارية ولا دخل لمحتوى الصحف بها، وكنت أتطلع أن تُمارس وزارة الثقافة والإعلام دورها الرقابي الذي تُمارسه على الصحف الورقية من ناحية تحري الدقة والمصداقية الذي تبتعد عنه الصحف الإلكترونية بقيادة صحف مشهورة ولا تجد خلفها لا حسيب ولا رقيب.
إن هذا الدور الذي باتت تُمارسه الصحافة الإلكترونية في اختلاق أكاذيب ونشرها على نطاق واسع، هو أمر خطير، والأخطر ظهور صحف حزبية تعمل في وضح النهار لصالح أحزاب وجماعات إرهابية، وتنفذ أجندتها، ومع ذلك، تكتب وتنشر بكامل حريتها، وأنا هنا لا أطالب بتكميم أفواه أحد، إنما أطالب بالصدق أولاً، وبمحاربة من ينشر الإرهاب والطائفية والعنصرية ويتخذ من المساحة المفتوحة لحرية الرأي والتعبير ذريعة لبث هذه السموم، في وقت، الناس ما زالت فيه لا تُميز خصوصًا عندما يتم نشر مواد ومقالات تتخذ من الدين ذريعة لبث جرائم مخيفة في حق الوطن وفي حق النشء، بل وفي حق هذا المجتمع برمته، الذي لم يعرف الأحزاب السياسية ولا الجماعات الدينية، لذا فإن تمييز الغث من السمين، وتمييز من يتحدث لأجل الدين عن من يتحدث باسم الدين بات أمرًا صعب تمييزه وإدراكه داخل مجتمع متدين بفطرته، وتضعف داخله برامج التوعية في هذا المجال!
دور وزارة الثقافة والإعلام ليس سهلاً ولا بسيطًا أمام آلاف المحتويات اليومية التي تنشرها الصحافة الإلكترونية، في ظل ما تحتكم عليه الوزارة من أدوات تقنية بسيطة أو لنقل بدائية، وفكر قديم لم يتجدد ليوائم الثورة التكنولوجية السريعة والمدهشة، وأجهزة قد لا تتعدى الفاكس والناسوخ!