حذَّر جنرال أمريكي من مخاطر انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. وقال «الجنرال جوزيف دانفورد» قائد القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان لدى مثوله أمام لجنة الخدمات العسكرية بمجلس الشيوخ: «سيعيد تنظيم القاعدة صفوفه، وسيستخدم أفغانستان كنقطة انطلاق لشن هجمات أخرى ضد الغرب في حال انسحبت القوات الدولية بالكامل من البلاد بنهاية عام 2014».
طيب، إذا كان الأمريكيون - كما يدعي جنرالهم - هم في حرب مع الإرهاب بشكل عام، فكيف نفهم دعمهم لتنظيم (جماعة الإخوان) في مصر، ولا يكاد يمضي يومٌ لم يقترفوا فيه إرهاباً دموياً هناك؟
أن يرفض الأمريكيون اعتبار جماعة الإخوان المصرية منظمة إرهابية، رغم أن أحد (كبراء الإخوان) هدد على رؤوس الأشهاد (علناً) عندما سقط حكمهم في مصر بأنهم سيُحركون خلاياهم الإرهابية في (سيناء) ضد قوى الجيش المصري، ثم تنفيذهم لما هددوا به، يجعل الحكومة الأمريكية في محل تساؤل يُثير الكثير من الشكوك، ويُؤيد وجهة النظر التي تقول إن أعضاء جماعة الإخوان هم عملاء للأمريكيين، يأتمرون بأمرهم، وينتهون بنهيهم، وربما يفضح - أيضاً - لماذا تصر إحدى الدول العربية على احتضانهم والذود عنهم وترديد مقولاتهم وادعاءاتهم غير عابئة بأية تبعات لإيوائهم، فضلاً عن وقوفها بعنف ضد مصر الدولة.
ويبدو أن تعريف الإرهاب عند الأمريكيين يُحدده تصريح بوش الشهير الذي قال فيه: «إذا لم تكن معي فأنت ضدي»؛ فطالما أن جماعة الإخوان على علاقة وطيدة بأمريكا فهم بالتالي ليسوا إرهابيين، حتى وإن كانت عملياتهم الإرهابية يئن منها أمن مصر، وتُرددها نشرات الأخبار في كل يوم وليلة؛ فالإرهابي في عرف ساكن البيت الأبيض هو (فقط) من يُريق دم الأمريكي وربما (الغربي) أيضاً وإن لم يفعل فلا يُصنف عند العم سام بأنه إرهابي!
ولو تمعنّا في تصريح «الجنرال دانفورد» الذي ذكرته آنفاً لوجدنا أنه (ينص) على أن الإرهاب من أفغانستان سيشن الهجمات ضد (الغرب)؛ بمعنى إذا لم تكن هجماتهم ضد الغرب فلا علاقة لهم به؛ أي أنه لا يعتبر في معاييرهم إرهاباً. وهو ما يؤكده بوضوح ما نشرته (قناة الحرة الأمريكية) على موقعها في (تويتر)، الذي يقول بالنص: «الولايات المتحدة تحترم قرارات السعودية والإمارات والبحرين، لكننا لا نعتبر حركة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية»!
وهذه - في تقديري - من أهم النقاط التي يجب أن يُواجه بها الرئيس الأمريكي أوباما عند زيارته للرياض في نهاية شهر مارس الجاري. فإذا كان الأمريكيون لا يعتبرون كل هذه العمليات الإرهابية التي قامت بها (جماعة الإخوان) في مصر إرهابية فليشرح لنا السيد أوباما ما هي المعايير التي على أساسها تُعتبر العملية إرهابية. هل يعني ذلك أن إراقة الدم الغربي (فقط) هو ما يُحدد هل العملية إرهابية أم لا؟ وحينما يكون الإرهاب موجهاً إلى غير الغرب فلا علاقة للبيت الأبيض به؛ وبالتالي لا يُعتبر مقترفوه (إرهابيين)؟
إننا لا يمكن أن نفهم بوضوح معايير السادة في البيت الأبيض في تصنيفهم للإرهاب وللعمليات الإرهابية؛ وبالتالي لا يمكن أن نقف معهم ضد الإرهاب والإرهابيين إذا كانوا سيكيلون بمكيالين: حين يكون موجهاً ضد العرب والمسلمين فهي قضايا داخلية لا شأن لهم بها، وإذا كان موجهاً ضد الغربيين فهو (إرهاب) محض، ويجب أن يقف العالم - بمن فيهم العرب والمسلمون - ضد هذه العمليات. هذه قسمة ضيزى، جائرة وعوجاء بكل الأعراف والمقاييس، وعليها يجب أن يتحدد موقفنا في التعامل معهم في هذه الشؤون.
إلى اللقاء