ومما ذكره الدكتور فاروق مساهل في كتيبه هذا، عن أمراض يختص بها لحم هذا الحيوان النجس بعد أن دعم ذلك بالصور التوضيحية المكبرة:
1 - مرض الشعرية أو الترخينية، وتسببه ديدان تعيش في لحم الخنزير، وهذه الديدان تستقر في عضلات: آكل لحم الخنزير، وعلى الأخص: عضلات التنفس، وتسمم تلك العضلات.
كما تستقر هذه الديدان في عضلات الجسم كله، كذلك تستقر تلك الديدان في المخ، وهذا أخطر شيء على الإنسان.
وعدد المصابين بهذا المرض يقدر في أمريكا وحدها ب(47) مليوناً، وتبلغ نسبة الموت بهذا المرض 30%.
2 - دودة الخنزير الشريطية، وهذه تستقر في الأمعاء، حيث يبلغ طولها عدة أمتار، مكونة من رأس به ما بين (22، 32 خطافا تتشبث بها في جدار الأمعاء، وتهرب يرقاتها إلى مجرى الدم، لتستقر في أي عضو من أعضاء الجسم: مثل الكبد، والقلب، والعين، والعضلات، وتتحوصل بها، فإذا استقرت في المخ، وهو مكانها المفضل تتسبب في مرض الصرع.
3 - الالتهاب السحائي المخي، وتسمم الدم الناتج عن الإصابة بالميكروب السبحي الخنزيري، فقد أعقب اكتشاف هذا الميكروب سنة 1968م، تفسير السبب وراء حالات الوفيات الغامضة، التي حدثت في هولندا والدنمارك.
وتبين أن هذا الميكروب الخنزيري، متعطش لإصابة الإنسان والفتك به، ويتسبب في حدوث التهاب في الأغشية الملاصقة للمخ، وبإفراز سموم معينة في دم المصاب، الذين أصيبوا بهذا المرض، وكتب لهم الإفلات من الموت - الأفضل القول: وقدر لهم الحياة - بعد علاج مركز، وشاق أصيبوا بالصمم الدائم، وفقدان التوازن (الترنح).
4 - الدوسنتاريا الخنزيرية (البلانتديازس) وهي أكبر الميكروبات ذات الخلية الواحدة التي تصيب الإنسان، ويوجد هذا الميكروب في براز الخنزير، وينتقل إلى طعام الإنسان بعدة طرق، وتستقر الميكروبات في أمعائه الغليظة، محدثة إسهالاً، ودوسنتاريا مصحوبة بالمخاط والدم، مع ارتفاع في الحرارة وقد يحدث التهاب الرئة وبعضلة القلب وقد يثقب القولون ليعقبه الموت.
5 - إنفلونزا الخنزير: ينتشر هذا المرض على هيئة وباء، يصيب الملايين من الناس، وتكون المضاعفات خطيرة، حيثما يحدث التهاب المخ، أو تضخم بالقلب قد يليه هبوط فجائي في وظيفته.
وكان من أخطر وباء أصاب العالم من أنفلونزا الخنزير عام 1918م، حيث قتل في هذه الموجة فقط حوالي عشرين (20) مليوناً من البشر، وقد خافت أمريكا في عام 1977م، من هذا الوباء الذي أطل برأسه، فاجتمعت اللجان برئاسة الرئيس الأمريكي الذي أصدر أمراً بتطعيم كل أمريكي بالمصل الواقي من هذا المرض القاتل، وتكلف برنامج التطعيم 0135) مائة وخمسة وثلاثون مليون دولار.
6 - التسمم الغذائي الخنزيري: ذلك أن من خصائص لحم وشحم الخنزير سرعة الفساد، والتحلل بفضل الجراثيم، إذا ما ترك ولو مدة قصيرة من الوقت دون تبريد، وقد أدى هذا التسمم إلى الموت في مناسبات عديدة.
7 - ثعبان البطن الخنزيري: (الأسكارس) وقد توصل الطب البشري إلى اكتشاف إصابة الإنسان بثعبان البطن الخنزيري، في صيف عام 1982م، في المناطق الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، نتيجة للتعرض المباشر (للخنزير) أو أكل المواد الغذائية الملوثة ببراز (الخنزير).
8 - دودة المعدة القرصية: وهي دودة تصيب الخنزير أصلاً، ولكنها تنتقل إلى الإنسان من الخنزير وتصيب الأطفال خاصة، فمثلاً في قرى ولاية أسام الهندية تبلغ نسبة العدوى بها حوالي 40 % من عدد السكان، وتتسبب هذه الدودة في حدوث الإسهال والتهاب المصران الغليظ.
9 - دودة الرئة (الخنزيرية) وتنتقل العدوى من الخنزير للإنسان.
هذه الأمراض العشرة التي ذكرها الدكتور: مساهل كافية للخوف من هذا الحيوان، أو الاقتراب لغير المسلمين، أما المسلمون فيكفيهم الوقوف عند حدود الله سبحانه، عالم الغيب والشهادة، فما كان جل وعلا ليحرم شيئاً إلا لعلة، قد يدرك بعضها الإنسان أو لا يدركه. وهذا هو واجب المسلم: (الامتثال والتقيد بشرع الله الذي شرع لعباده المؤمنين) إذ أقرب ما يدخل ذهن الإنسان عن هذا الحيوان.
وسبب خلقته كما ذكر العلماء أن نوحاً ومن معه من المؤمنين في السفينة وبعدما تكاثرت القاذورات في السفينة لجأوا إلى نوح عليه السلام، رغبة في الخلاص مما آذاهم فأوحى الله إلى نوح عليه السلام بأن يضرب أنف الفيل، فأخرج الله منه ذكر وأنثى (من الخنزير) وأمر الله سبحانه بين الكاف والنون (كن فيكون). فصارا يلتهمان جميع القاذورات التي كانت على ظهر السفينة... وهذا من الأحاديث الإسرائيلية، كما يلاحظ لمن يتابع تاريخ معرفة هذه الأمراض التي تحدث عنها الدكتور: مساهل أنها حديثة الاكتشاف.
كما أن المرض الذي مر بنا، وذكرته صحيفة الشرق الأوسط، وغيرها من الصحف بعد تأليف هذا الكتيب، مما يبرهن أن هناك أسراراً تكمن خلف (الخنزير ومشتقاته) يصرفها الله جل وعلا عن عباده بطلب الامتناع عنه، رحمة من الله جل وعلا بعباده المؤمنين، وتنبيهاً للغافلين المسرفين على أنفسهم، أخذا من دلالة آيات كثيرة، بهذا المعنى؛ منها قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ (1).
وعلماء النفس والاجتماع أيضاً يدركون بعض الأسرار كالجبن والخور لمن يتعاطى لحم (الخنزير) فإن الإدمان عليه يورث ذلك، كما يورث أيضاً ضعف الغيرة والحفاظ على الشرف وعدم المبالاة، ولعل هذا ناتج من الخنزير نفسه غريزياً وطباعاً جبل عليها، حيث تعرف عنه هذه الخصال فيتأثر بها من يأكل لحمه.
هذا غيض من فيض مما أدركه الإنسان عن هذا الحيوان - الخبيث شكلاً وطبعاً- وسوف يتولد من الدراسات والأبحاث مستقبلاً ما يزيد القائمة سوءاً عما ينتج خلف هذا الحيوان أو تربيته، أو التعامل معه.
مما يجعل المسلم يحمد الله على ما أحل له من الطيبات ليعلمها، وما حرم عليه من الخبائث ليجتنبها، ولا شك أن خلف كل أمر محرم في شريعة الإسلام أسراراً وعجائب ومصالح عاجلة، أو آجلة، هي مصالح نافعة للإنسان من الطيبات المباحة أو شروراً ومصائب تأتي من الاستهانة وارتكاب الخبائث المحرمة، يصرفها الله عن خلقه، متى امتثلوا أمره، أو نيراناً يصطلون بها متى خالفوا، وامتهنوا محاذيره مكابرة وعناداً أو لأي سبب.
ولما كانت بعض الصفات تقرب الحلال أو تباعد عن الحرام فإن الواجب الامتثال كما في الحديث الشريف: (إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)(1).
وهذا من باب الامتثال والحذر، خاصة وأن كثيراً من الصناعات الغذائية قد تنوعت، وقد الزم أكثرها بذكر التركيبات التي يتكون منها الغذاء.
وأرى أن الدكتور فاروق مساهل، أراد بهذا الكتيب، المساهمة التي يمليها عليه دينه الإسلامي نصحاً للأمة، وأداء لأمانة المهنة الطبية، فجعل من باب الفائدة لمن يقرأ الانجليزية، وضع المسميات التالية، التي تفيد من يقرأ التعليمات المكتوبة على تلك الصناعات، ليعرف المحتوى: فيحذر المحافظ على دينه الإسلامي، والحريص على صحته، المقترنة بالدين، وفي هذا تطبيق لأوامر الله سبحانه: استجابة وحذراً.
ونضع أمام القارئ بعض المصطلحات للحوم الخنزير وشحمه المسميات التالية: باللغة العربية وما يقابلها باللغة الانجليزية: وهي Pig. Hov. Swine
1- لحم الخنزير عامة Pork
2- لحم الخنزير المملح والمقدد Balon
3- لحم فخذ الخنزير Ham
4- معدة الخنزير Maws
5- أمعاء الخنزير Ghitterling
6- أم شحم الخنزير فيسمى Lard ولونه أبيض وهو كثيراً جداً لشراهة الخنزير في الأكل.
ولذا، فإنه الحيوان الوحيد، الذي يأتي شحمه ولحمه: طبقات: لحم وتحته شحم، ثم لحم وتحته شحم، وهذا يدل على كثرة شحمه ودهنه عندهم، مما جعله يدخل في كثير من التركيبات.
ولا شك أن مساهمة كثير من الكتاب، في التعريف بما يجب على كل فرد عندما يزور بلاد الغرب أو الشرق، ممن يكثر عندهم الأكل المحرم: الخنزير أو غيره.
فإن من ثقافة المسلم لنفسه أولاً، ولإخوانه ثانياً، أن يكون على وعي ودراية بالمسميات والمصطلحات والرموز الدالة على الشيء غير المناسب لتبيانه والتحذير منه للحذر منه ومن نتائجه..
وهذا جزء من الأمانات التي حملها الله لعباده من أجل التبيين والتحذير، كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. (1)
لأن من استبراء الذمة أن يكون المسلم في دينه ملماً بكل شبهة حتى يتجنبها، بحذر وحيطة ويلح في البحث والاستقصاء، في الجوانب التي تدخل الشبهات على أهل ملته ليفهم أولاً.. ومن ذلك (الخنزير) الذي كتب عنه كثيراً، وبين لنبي قومه ما يباعده عنه: عن قناعة ومعرفة، حتى ينتشر الوعي في البيئة الإسلامية، ويزيل الشبهات المطروحة إذ ما أكثر المسلمين الذين يزورون تلك الديار للدراسة والعلاج، والسياحة والتجارة ولغير ذلك من الأسباب والمسببات.
ومن باب الفائدة: فإن الخنزير كان محرماً في الديانة النصرانية كغيرها من الديانات السماوية، ولكن في عام 385 الميلادية، وقبل البعثة المحمدية، لآخر دين أمة أخرجت للناس: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}.
فقد اجتمع النصارى: كبارهم ورهبانهم، حضروا أعداداً كبيرة، في مؤتمر لهم ليخالفوا اليهود ويخرجوا عن تبعيتهم، فأباحوا لأنفسهم أموراً منها:
الخنزير مخالفة للذين لا يأكلون لحمه، ولا ينتفعون بمشتقاته من شحم وغيره، فيجب أن نبيحه لأنفسنا، ويطلقون النساء، يجب أن نحرم الطلاق، ويبيحون تعدد الزوجات، يجب أن نحرم ذلك، ونقتصر على واحدة، وهكذا في ذلك خالفوا اليهود في أكثر من أربعين حالة، وليس هذا عن علم كما وصفهم الله سبحانه في سورة الفاتحة، بقوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
جاء حديث عند مسلم في تفسير هذه السورة، وفيه المغضوب عليهم هم اليهود معهم علم ولم يعملوا به، والضالين: هم النصارى يعبدون الله على جهل وضلال.
قال كثير من العلماء: منهم ابن عيينة والثوري، من فسد من علماء الإسلام ففيه شبه باليهود ومن فسد من عبادهم ففيه شبه بالنصارى.
ومر بنا أن عيسى عليه السلام عندما ينزل في آخر الزمان، ويملأ الأرض عدلاً وحلماً، لأنه يحكم بحكم الله على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنها دين الله الحق، الذي يطبق فيه ما جاء في كتاب الله جل وعلا الذي تعهد الله جل وعلا بحفظه، والعبث فيه كما قال سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (1)، وبتأكيدات متتالية وعلماء البلاغة يقولون: زيادة المبنى زيادة في تمكين المعنى.
وأخبر صلى الله عليه وسلم: أن عيسى عليه السلام ينزل بشريعة محمد، مجدداً وحاكماً وداعياً ويقتل الخنزير ويكسر الصليب.
لكن عمل النصارى في مؤتمرهم الآنف الذكر: كمن استجار بالرمضاء من النار، وعلماء الإسلام قديماً وحديثاً، تحدثوا عن الخنزير، وخبثه وحرمته كثيراً، كما تحدث الأدباء أيضاً منهم الجاحظ في كتابه الحيوان، فأتى بكلام كثير في عدة أماكن حول تحريمه وسوئه وبعض طباعه الخبيثة، ومما قال في الجزء الرابع: من مساوئ الخنزير: فلولا أن في الخنزير معنى متقدماً سوى المسخ، وسوى ما فيه من قبح المنظر وسماجة التمثيل وقبح الصوت، وأكل القذارة مع الخلاف الشديد، واللواط المفرط، والأخلاق السمجة، ما ليس في القرد الذي هو شريكه في المسخ لما ذكره دونه.