تتواصل التقارير الدولية الصادمة والواردة من سوريا. منظمة العفو الدولية تصف المعتقلات السورية بأنها الجحيم بعينه؛ إذ يتعرض المعتقلون من رجال ونساء وأطفال وحتى الشيوخ إلى شتى أنواع التعذيب والاغتصاب، ولا يُستثنى من ذلك حتى الأطفال والشيوخ، فضلاً عن تعرض النساء والرجال لهذا الأسلوب الشائن من التعذيب.
المنظمة الدولية لرعاية الأطفال تصنف سوريا بأنها أسوأ بلد في العالم يعيش فيه الأطفال؛ فهم - إضافة إلى حرمانهم من الدراسة والعلاج - لا يجدون الرعاية، وكثير منهم يفتقدون الأسر، وبعضهم يجندون للمشاركة في القتال رغم عمرهم الذي لا يتعدى الخامسة عشرة.
أما الأطفال الرضع فكثير منهم تُوفي بسبب البرد والصقيع وفقدان الحليب، ويهيم الأطفال في الشوارع، ويقيمون بين أنقاض المنازل المهدمة، وبعضهم يقتات على الحشائش..!! أما من يسعفه الحظ ويغادر سوريا إلى دول الجوار فيعملون في مهن لا تتناسب مع أعمارهم، ومنهم من يعرض حياته للخطر دهساً من قبل السيارات أثناء قيامهم ببيع المناديل على أصحاب السيارات..!!
داخل سوريا لا يجد المرء نصيبه في العيش الكريم؛ فالمنازل مهدمة، والغذاء ينقص بعد أن بدأت قوات نظام بشار الأسد تقلص حصص المواطنين المسموح بدخولها للمناطق والمدن المحاصرة، فأخذ الكثير منهم يتوفون جوعاً؛ ليكون نظام الأسد قد استحدث سلاحاً لإبادة الشعب السوري، هو «الجوع»، الذي لم يسبقه إليه أحد..!! وحتى الذين يسمح لهم بالخروج من المدن والمناطق المحاصرة يتعرضون للاعتقال والتحقيق، بل حتى تنفيذ عمليات الإعدام الفوري بحقهم مثلما حصل بعد خروج المحاصرين من أحياء مدينة حمص.
فظائع وجرائم تُرتكب يومياً على أرض سوريا من قِبل نظام جائر.. ومع أن هذه الأعمال الشائنة تُرصد وتُسجل من قِبل الهيئات والمنظمات الدولية التي تعرضها وتعرّف بها المجتمع الدولي عبر تقارير دولية متواصلة ومنتظمة، إلا أنه لم يجرِ اتخاذ موقف لوقف هذه الانتهاكات غير الإنسانية، التي أدمت الضمير الإنساني، وجعلت الكثير من الشعوب تستغرب صمت القوى الدولية والقادرة على لجم جرائم نظام بشار الأسد، وعدم قيامها بخطوات تُحدّ من هذا الإجرام إن لم تمنعه.
والعديد من الناس يتساءلون: هل أصيب الضمير العالمي بغيبوبة ليتجاهل كل هذه الأعمال الإجرامية التي يقوم بها نظام بشار الأسد دون أن يُجبَر على التوقُّف؟ وهل فعلاً أن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا قد تفاهمتا على إبعاد ما يجري في سوريا عن اهتمامهما، وأن إيران ومليشياتها الطائفية قد تجرَّدت من كل القيم الأخلاقية والإنسانية وهم يرتكبون مثل هذه الأفعال التي يشمئز منها كل البشر..؟!!
ما يجري على أرض سوريا امتحان للإنسانية التي تحتاج إلى نواقيس لإيقاظ ضميرها الذي يغط في سبات عميق من عدم المسؤولية والشعور بما يجب على الأسرة الدولية القيام به.