بشكل دوري، أكتب عن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في معاهد التربية الفكرية؛ لأن نشر الوعي بحقوق هذه الفئة، بما يحقق القبول الاجتماعي لهم، هو جزء من تحسين نوعية حياتهم، واحترام قدراتهم، -لا سيما- وأن معظم المعاقين، هم أقصر طولاً، وأقل حركة من أمثالهم غير المعاقين؛ مما يستوجب ضرورة دمجهم اجتماعياً، ومساواتهم مع باقي فئات المجتمع؛ كي نكفل لهم دوراً إيجابياً في البناء الاجتماعي، وآخر فاعلاً في النهوض الحضاري. وهذه هي المعادلة الأساس في نهاية المطاف، والمتمثلة في: العطاء، والحاجة. ومع هذا، فإن معظم التقارير التي تتناول وضع ذوي الاحتياجات الخاصة، تستعرض استمرار معاناتهم، وضعف التجاوب مع مطالبهم، ولا أبالغ إن وصفت تصاريح المسؤولين في الجهات الخدمية، فيما يخصهم بأنها للاستهلاك الإعلامي.
مهما كانت إعاقة الإنسان، فإن له الحق في أن يعيش حياته الطبيعية كما هي، وأن يتمتع بإنسانيته بأقصى ما تسمح به قدراته، -كونه- حقا مكتسبا له؛ ليكون رقماً مهماً في تنمية المجتمع، لا عائقاً له؛ وحتى نتجاوز الضعف إلى القوة، والألم إلى الأمل. وهذا ما يجعلنا نؤكد على: حق المعاقين في ضرورة التمتع بكافة حقوق المواطن، التي كفلتها الشريعة الإسلامية، والمبادئ العامة لحقوق الإنسان بشكل عام، بغض النظر عن خصائص كل فئة، ودونما أي نوع من التمييز.
كتبت مرة يا سمو الوزير: أن جوانب أساسية يجب أن تتم عاجلاً، إلا أن واقع الخدمات المقدمة لهذه الفئة، تشهد بالتقصير الشديد، والتي تشكل -مع الأسف- لهذه الفئة إعاقة أخرى. ولتوضيح تلك الاحتياجات، التي يحتاجها طلاب المعاهد الفكرية، ما يلي:
1 - توفير أساليب التقنية الحديثة في التعليم، مثل: الحاسب الآلي، والآيباد، وغيرهما من الأجهزة الحديثة. واستخدام المثيرات البصرية أثناء عملية التدريس، والجداول عالية التنظيم للأنشطة.
2 - الرفع لوزارة التربية، والتعليم بضرورة زيادة أعداد الكوادر المتخصصة في المجالات التالية:
أ - زيادة معلمي تدريبات النطق، والتخاطب. وإيجاد معامل متخصصة؛ لتعزيز التواصل اللفظي. وتكثيف التدريبات المتعلقة بهذا المسار.
ب- زيادة أعداد الكوادر المؤهلة في مجال العلاج الطبيعي، وإنشاء مركز متخصص للعلاج الطبيعي، وتكثيف جلسات العلاج الطبيعي بشكل يومي؛ من أجل تنمية المهارات الحركية، ومنع تفاقم الإصابات، أو العجز الكلي ما أمكن ذلك. والواقع يشهد -مع الأسف- وجود مدرب أخصائي واحد، مقابل «139» طالباً من ذوي متعددي الإعاقة.
ج - زيادة الاهتمام بالجانب التأهيلي، وتعليم هذه الفئة المهارات اللازمة؛ من أجل دمجهم بالمجتمع الخارجي، والتواصل مع الجهات المتخصصة؛ لإيجاد وظائف لخريجي المعهد بما يتناسب مع قدراتهم.
د - الاهتمام بالعيادة الطبية، وزيادة الكادر الطبي؛ لمتابعة الحالات الصحية للطلاب، وتقديم الإسعافات الأولية اللازمة لهم، مع أنه لا يوجد سوى ممرضين اثنين - فقط- لعلاج أكثر من «320 « طالبا.
هـ - ضعف أنظمة الرقابة الداخلية في المعهد، الأمر الذي يلزم منه توفير كاميرات مراقبة داخل المعهد، وخارجه.
و- العمل على إيجاد شركات مؤهلة، كشركة «تطوير» للنقل التعليمي؛ لتحقيق نتائج إيجابية لجميع شرائح هذه الفئة؛ ولتسهيل مهمة المراقبة، ودقة الأداء، والمحاسبة، إذا طُبقت المعايير وفق آلية دقيقة، ومنها: حجم التغطية الحالية، والجاهزية الفنية؛ لتغطية أحياء شرق، وشمال، وجنوب الرياض، الأمر الذي سيجرنا إلى التأكيد على المعيار الثالث، وهو: حجم التأثير، والتوسع في النقل المدرسي لهذه الفئة، واعتماد مستوى الخدمة، والعمل باتفاقية تحديد الأدوار، والمسؤوليات بين الوزارة، والشركة.
كم نحن بحاجة يا سمو الوزير إلى تفعيل آلية نظام رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في المعاهد الفكرية، بعيداً عن شعار «وفق الإمكانات المتاحة»، التي يتسم ببطء الحراك في هذا الملف. فهذه الفئة في نهاية الأمر، ستشهد السماء ببراءة أمنياتهم؛ لأنهم في حاجة ماسة إلى رسائل مطمئنة، تعطيهم حقوقهم كاملة في إنسانية أخاذة، ورفق جميل؛ من أجل الرقي بالخدمات التي تحتاج إليها هذه الفئة.