كثيرون يسألونني: ماذا بعد المرأة في الشورى وانتخابات المجالس البلدية؟ كيف هو وضع المرأة في هذا الوطن؟
وأقول: هو وطن يطمح إلى الصدارة في سباق الأوطان للتميز، مقيد في بطء مجتمع يقف متوجسا بين الأزمنة وصراعات على وجهة السير!
وأقول له أصغ جيدا يا وطن: أننا نعيش فيك وبك زمنا يمثل فيه الأمن بكل متطلباته أهم التحديات، وأن استقرار المواطن في حياته الخاصة ماديا ومعنويا هو خط الدفاع الأول لأمنك وأمننا الداخلي.
***
وواضح أن الإناث، وهن يمثلن ما لا يقل عن 50% من المواطنين بواجهن وضعا مجتمعيا يسبب لهن معاناة مضاعفة من حيث عدم الاستقرار معنويا وماديا. ويجعلهن عرضة للاستخدام كمخلب قط لكل من يهدف إلى قلقلة الأمن والاستقرار في المجتمع.
و الاستقرار يأتي باستعادة أوضاع مجتمعية معتدلة، وترسيخ حالة من الرضى الحقيقي المتجذر في التوازن وليس بفرض البقاء في حالة معاناة.
***
في إحدى جلسات الشورى الأسبوع الماضي أثار زميل متألم نقاشا شائكا، حين لفت النظر إلى إحصائيات تؤكد تصاعد نسبة الطلاق، وذكر أيضا شكوى مطلقات تقدمن للتوظف فتعرضن للتحرش، في حين كن يتوقعن التعاطف مع احتياجهن الواضح للوظيفة. وعلق زميل آخر مشيراً إلى ارتفاع معدلات «العنوسة». ورغم تحفظي على استخدام هذا المصطلح المهين لمن لم تتزوج، إلا أن الحوار حول هذه الممارسات المجتمعية السلبية يستحق أخذه بجدية، حيث كلتا الإشارتين الموضحتين لأوضاع المرأة وكيف يؤطرها المجتمع العام، توضحان أيضا مصدرا لوضع مجتمعي ينذر بقلقلة الاستقرار، وبالتالي تهديد الأمن.
الأمن الداخلي المجتمعي يمس حياة كل المواطنين من الجنسين.. وكل ما يسبب إزعاجا متناميا لفئة ما هو مصدر تهديد للاستقرار والأمن.
لنعد إلى الإطار الأشمل والأوضح: الوضع الاقتصادي للمواطن يتراجع كل عام. عدد المتخرجين من الجنسين يتصاعد، وفرص الحصول على وظيفة تقل. وهي مشكلة تتعدد فيها روافد التعقيد وتتكثف فيها التحديات أمام صناع القرار. فاكتظاظ القطاع العام وأنانية القطاع الخاص يثقل كاهل الحكومة لإيجاد فرص توظيف. واستكمال المرأة تعليمها رفع سن الزواج كما خفض مستوى تقبلها لتهميش دورها في الأسرة والمجتمع. والأسوأ من رفض عمل المرأة أن نجد من يستغل حاجتها للعمل ليبتزها جنسيا.. أو يستغل حصولها على وظيفة ومصدر دخل ليحجر عليها لتظل بوظيفتها مصدر رزق له هو، أو يحجر عليها حتى يأتي من يحمل لولي أمرها المهر المبالغ فيه أو مميزات التصاهر، وهكذا تبقى معلقة في انتظار قد لا ينتهي وتفوتها الفرصتان العمل والزواج.. أو تتزوج لتطلب الطلاق سريعا وتبقى معلقة، أو مطالبة بدفع ضريبة الطلاق المتعذر أو الخلع المستغل لضعفها!
***
لتكون في صدارة الأوطان المتميزة.. عليك أن تنجح في جعل المرأة تشعر فيك بالأمان.. داخل وخارج الجدران..