توقع خبراء استمرار حالة الركود بقطاع الأراضي السكنية خلال الفترة الحالية، وارتفاع الطلب على الأراضي التجارية والاستثمارية، نتيجة الدراسات التي تقوم بها أمانة منطقة الرياض والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بهدف إيجاد الحلول التي تساعد في حل أزمة الإسكان وزيادة النهج الاستثماري والتجاري للعاصمة عبر زيادة الارتفاعات بالشوارع التجارية.
وأشار العقاريون إلى أن ارتفاع أسعار العقارات السكنية خلال الفترة الماضية غير مبرر، وأثّر على السوق، وزاد من ركوده واستقراره خلال الفترة الحالية.
يقول ناصر المانع لـ«الجزيرة»: المتابع يرى أن هناك حالة من الركود يمر بها السوق العقاري، نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي وانتشار مواد البناء الرديئة وكذلك ارتفاع اسعارها، وخشية المستثمرين من تقلص ربحيتهم، وهو ما أثّر بدوره على المواطن الذي يداهمه القلق من الشراء ثم تبدأ رحلته مع الإصلاحات ومزيد من الإنفاق.
من جهته يقول المستثمر العقاري أحمد السالم: المتواجد بالسوق يرى الركود يزداد يوماً بعد يوم، والسبب غير محدد حتى بالنسبة للمستثمر، ولكن يستنتج أن عزوف المواطنين عن الشراء يعود إلى ارتفاع الأسعار وعدم مناسبتها لمستوى الدخول، حيث إن غالبية المستفيدين لا يمتلكون القدرة على الشراء في ظل الأسعار العقار الحالية، بجانب ضعف القنوات التمويلية، وانتظار ما سوف ما تقوم به وزارة الإسكان خلال الفترة المقبلة، وتوجهات الصندوق العقاري خصوصاً أن الأخير لديه العديد من البرامج التي من المتوقع عند خروجها إلى النور قد تحل جزءاً من أزمة الإسكان المتراكمة.. واسترسل السالم في شرح أسباب الركود بقوله: ارتفاع أسعار العمالة بسبب التنظيمات الجديدة وفرض رسوم مضاعفة وسنوية عليها، بالإضافة إلى ضعف القنوات الاستثمارية المتنوعة داخل المملكة، عطفاً على أن ملاَّك الأراضي يمتنعون عن بيعها نتيجة عدم وجود قنوات استثمارية أخرى تساهم في تنمية رأس المال، فيفضلون الاحتفاظ بالأرض التي «لا تأكل ولا تشرب»، على أمل أن يتضاعف سعرها مستقبلاً، فتضخم الأسعار ساهم بشكل كبير في موجة الركود الحالية.
وقال: بالإضافة لهذه العوامل، أضف إليها فترة الركود النسبية في كل عام وهي فترة الإجازة الصيفية وشهر رمضان المبارك.
وبيَّن السالم أن هناك إقبالاً من المستثمرين على القطاع التجاري، انتظاراً لما سوف تقره أمانة منطقة الرياض خلال الفترة المقبلة، خصوصاً على الشوارع الحيوية، حيث إن سوق العقارات لا تزال هي الاستثمار الآمن بالرغم من أن بعض الدخلاء كانوا السبب الأبرز في زيادة الأسعار رغم تماسكها خلال العام الحالي، وقد يزداد ضخ الأموال في شمال وشرق العاصمة نتيجة احتياجها السنوي من الوحدات السكنية والذي يقدر بالآلاف.
وذكر تقرير اقتصادي متخصص أن تقديرات خطة التنمية الخمسية التاسعة تشير إلى أن عدد الوحدات السكنية التي ستكون مطلوبة لتلبية الطلب الحالي يبلغ 1,25 مليون وحدة، مما يعني الحاجة لحوالي 250,000 وحدة سكنية سنوياً.
وأشارت شركة الراجحي المالية في تقريرها عن الرهن العقاري إلى أن الدولة تستهدف بناء 950 ألف وحدة فقط بمساعدة القطاع الخاص، حيث سيكون هناك عجز في حدود 300 ألف وحدة سكنية.. ويستلزم على الدولة اتخاذ خطوات لتحفيز القطاع الخاص حتى تتمكن من تحقيق أهدافها الواردة في خطة التنمية التاسعة، وفي نفس الوقت التحكم في السوق لمنعه من الانهيار أو تكوين فقاعات تتعلق بالأصول، مما قد يصعب تنفيذه وهو خارج نطاق نظام الرهن العقاري الحالي وتشير تقديرات الراجحي المالية إلى أن معدلات التغطية بالرهن العقاري في المملكة منخفضة عند مستوى 2 في المائة، مقارنة بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المائة في دول مجلس التعاون الخليجي المجاورة، تزيد إلى 70 في المائة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ولكن مع ذلك فقد اختلف عدد من المتخصصين العقاريين حول أسباب هذا الركود، فمنهم من قال إن سبب توفر أعداد كبيرة من الفلل وشقق التمليك يعود إلى تمسك أصحابها بمبالغ مرتفعة تفوق قدرة معظم شرائح المجتمع أو حتى لا تستحق المبلغ المشترط للتنازل عنها، أو انتظار المشترين لمعرفة توجهات السوق خلال الفترة المقبلة رغبة في انخفاض أسعار العقارات، خصوصاً مع البدء في توزيع الوحدات السكنية أو أرض وقرض، لكن ما زاد من ذلك الركود يعود ضعف التمويل البنكي للأفراد.. مشددين على حاجة المملكة إلى نظام يوفر المساكن ويؤمنها بطريقة مناسبة، ومن ذلك توفير شراء مساكن للمواطن بسعر يناسب دخله السنوي، على أن يسددها بقسط لا يزيد على رُبع راتبه الشهري لمدة تصل إلى ثلاثين عاماً.. ويمكن للدولة أن تفرض على الشركات الكبرى والبنوك وغيرها من المؤسسات الخاصة ذات الدخل العالي المساهمة من أرباحها السنوية.