سأذكر للقارئ الكريم فوائد لدواءٍ طبيعي ممتاز، يَنصح به الأطباء، ويتغنى المجرّبون بمنافعه، فمن فوائده أنه ينشط القلب والعضلات، ويخفف الضغوط النفسية، وينعش الدورة الدموية، ويزيل الآلام، ويقوي المناعة. يا لها من فوائد عظيمة! ما هو هذا الدواء يا ترى؟ إنه دواء لا يحتاج منك مالاً ولا جهداً: فقط اضحك!
أليس هذا مُدهشاً؟ في السابق كان البشر يبحثون عن شيء اسمه جوهر الحياة أو مادة الحياة، ففي القرن الثالث قبل الميلاد أرسل الملك الصيني تشين شي هوانغ الساحر شو فو -وهو أحد خاصّةِ الملك- ليبحث له عن هذه المادة التي نُسجت حولها الأساطير وأنها تعيد للمرء شبابه وتمنحه الخلود، وزوّده بكل ما يحتاج، ومن ذلك 500 شاب و500 شابة ليعينوه في مهمته، فأبحر شو فو شرق الصين، لكنهم لم يعودوا.
كان أباطرة الصين مهووسين بالبحث عن هذه المادة الأسطورية وكانوا يأكلون مواد كيميائية سامة مثل معدن الشاذنج (الذي يسمى حجر الدم) وحجر الزنجفر الذي يحوي الزئبق المعروف بالسّمّية، يظنون فيها الفِكاك من الهرم والموت، وكان هذا -كما هو متوقع يقتلهم-، حتى أن أحد المؤرخين وضع قائمة بملوك الصين الذين ماتوا تسمماً بأيديهم باحثين عن جوهر الحياة!
إن من نعم الله علينا أن أنفع الأشياء لنا أبسطها، فأما أنفع شيء لصحة الإنسان والحيوان بلا منازع فهو الرياضة وكثرة الحركة وهذه لا تحتاج مالاً ولا منصباً. ومن الأشياء الأخرى التي تنفع الضحك، فهو يقلل هرمونات الضغط النفسي ويزيد خلايا المناعة ويقوّي الأجسام التي تقاوم العدوى، وهكذا يعزّز جهاز المناعة. هو أيضاً يجعل المخ يفرز مادة اندورفين التي تسبب النشوة وتخفف الألم. الضحكة الصافية تزيل التوتر العضلي فتجعل جسمك مرتاحاً لما يقارب 45 دقيقة. ومن فوائد الضحك الهامة هي أنه يحمي القلب، فهو يحسن أداء الأوعية الدموية ويزيد جريان الدم وهذا يحمي بإذن الله من النوبات القلبية وأمراض القلب.
ومن القصص ذات العلاقة قصة حصلت للكاتب البريطاني هاري غراهام في القرن الماضي، فيقول: إن أفضل قصة سمعتها مرّت علي في عام 1905م (أو لعله كان عام 1906م)، وذلك عندما كنت أزور مدينة بوسطن، أو على الأقل أظنها مدينة بوسطن، وقد تكون واشنطن، فذاكرتي سيئة. التقيتُ بأظرفِ رجلٍ مر علي الذي نسيت اسمه -ولعله كان ويليامز أو ويلسون أو ويلكنز، اسم من هذا القبيل- وقصَّ علي قصّةً عندما كنا ننتظر الترام أضحكتني ضحكاً شديداً أكثر من مرة، طيلة الليلة، وحتى عندما خلدتُ للنوم ضحكت حتى النوم وأنا أتذكر مدى طرافة هذه القصة المضحكة جداً. لقد كانت مُضحكة أشد الإضحاك، بل إنني أقول صادقاً إنها أطرف وأحسن قصة حصل لي شرف سماعها. لسوء الحظ...فقد نسيتها!
فلنحمد الله أن جعل الشفاء والصحة في أبسط الأشياء وأسهلها علينا، وأتْبِعوا هذا الحمدَ بضحكةٍ صافية.