مقياس الذكاء أمر معروف في الغرب وهو ما يُسمّى «آي كيو IQ» اختصاراً لكلمتين انجليزيتين تعنيان حاصل الذكاء، وهو أسلوبٌ لقياس ذكاء الفرد بإعطائه اختبارات ورؤية أدائه فيها، والاختبارات عبارة عن طُرُق لمعرفة قدرة المرء على حل المشاكل واستنباط التشابهات المنطقية بين الأرقام و الأشكال، ويُقيّم الخبير نتيجة الشخص ويضعها كرقم. إذا لاحظنا الاختبارات التي أدّاها الناس فإنَّ أغلب النتائج تأتي في نطاق الذكاء العادي أي بين 80 و 115، فأي رقم بين هذين طبيعي ويعني أن الشخص ذو ذكاء طبيعي، والأقلُّ ذكاءً من المستوى العادي تأتي نتيجته بين 70 و 85، بينما من لديه مشكلة عقلية أو انخفاض شديد وغير طبيعي في الذكاء فهو من يأتي بنتيجة أقل من 70، وأما الأشخاص الأذكى من عامة الناس فهم من يأتون بدرجة تتراوح بين 115 و145، وكلما زاد الرقم زادت الدلالة أن الشخص ذكي، وأخيراً من يأتي بدرجة أعلى من 145 فيُصنَّف أنه عبقري.
يستخدم الناس في الغرب هذا المقياس ليس فقط لمعرفة الذكاء وإنما كَشَتيمة أحيانا، فإذا تسابَّ شخصان فقد يتّهم أحدهما الآخر أن مقياس ذكائه لا يتجاوز الخمسين! لكن هذا المقياس ليس عِلمياً تماماً ولا زال هناك جدل حول مدى دقّته، فالبعض يقول إنه عديم القيمة والدلالة وإن الذكاء الفعلي كما نفهمه لا يُمكن أن يقاس بهذه الطريقة المحدودة، والبعض يقول إنه رغم عدم كماله إلا أنه أفضل طريقة لقياس الذكاء البشري، ولكلا الطرفين ما يدعم حججهم، غير أن من ينظر لمقياس الذكاء هذا على أنه وسيلة قاطعة لمعرفة الذكاء يقع في خطأ، خاصة بعد دراسة هولندية عام 2011م أظهرت شيئاً غير متوقع، فقد تطوع أناس لإحدى الدراسات، وفيها أَعطَى الخبراءُ المتطوعين بعض الاختبارات الذهنية من التي تأتي في اختبار الذكاء، غير أنهم فعلوا شيئاً آخر: لقد أغروهم بالمال. قال الخبراء لبعض المشاركين إن من يجتاز الاختبارات فسيحصل على دولارين، وقالوا لآخرين إن من يحل أكبر عدد من الأسئلة فله خمسة دولارات، وفريق ثالث أغروهم بعشرة دولارات. ماذا كانت النتيجة؟ لأول وهلة قد نظن أن هذا لن يأتي بنتيجة، لأن الاعتقاد الشائع هو أن الذكاء ثابت ولن يزيده هذا التحفيز شيئاً، غير أن النتيجة كانت مفاجئة: الذين أُغْروا بأكبر قدر من المال أدّوا أفضل من غيرهم بمعدل عشرين درجة على مقياس الذكاء! والذين يلونهم في الجائزة أدوا أقل بقليل، وأخيراً من كانت لهم الجائزة الأقل كان أداؤهم أضعف.
أظهرت التجربة أن الذكاء وحده ليس هو العامل الوحيد في اختبارات الذكاء وإنما الجهد والتحفيز لهما دور كبير، وهذا يجدر الانتباه له لمن يريد تحسين أداء أطفاله في الدراسة، فلا يكفي جعلهم يعتمدون على ذكائهم - ولو كان عالياً - بل يَحسُن تحفيزهم وتشجيعهم دائماً.