أيها العالم الحر: أغيثوا سوريا!

على مر التاريخ، لا أظن أنّ هناك شبيهاً لما يجري في سوريا، فهذه الثورة مختلفة منذ بدايتها، إذ هي عبارة عن بث حي لمشاهد رعب، وستظل الصور التي سجلها التاريخ، شواهد على أحداث لا يمكن أن يصدقها من لم يكن شاهداً عليها، فهذا الرضيع الذي وجدوه تحت الأنقاض، وذاك الطفل الذي حفروا الصخر، ليجدوه حياً، لم يشغله إلاّ التراب الذي يغطي عينيه، بعد إنقاذه، أما مشاهد قطع الرؤوس، والتصوير معها، وحتى لعب الكرة بها، فهي تستعصي على التصديق، والوصف، والمؤلم أنّ هذا أصبح أمراً عادياً، تنقله وسائل الإعلام في نشرات أخبارها كل يوم!!.

الشعب السوري أصبح ورقة يلعب بها انتهازيو السياسة شرقاً، وغرباً، وهذا يؤكد أنّ نشر الديمقراطية، في عالمنا الملتهب، هو آخر ما يفكر فيه الساسة الكبار، ففي الوقت الذي كان العالم ينتظر فيه طلائع صواريخ العم سام، لتحرير الشعب السوري من محنته، فوجئنا جميعاً بإدارة أوباما تعلن تقاربها مع الحليف الأول، والرئيسي لبشار الأسد، إيران !!، وبلغ التقارب مرحلة بدا فيها أوباما يلاحق روحاني، ليحظى منه بلقاء، أثناء وجود الأخير في نيويورك !، بل إنّ المذيعة الشهيرة، كريستانا امانبور، نسيت نفسها، وهي تلتقي الرئيس المعتدل روحاني!!، إذ كانت في منتهى السعادة، عندما حقق روحاني رغبتها بنطق بضع كلمات إنجليزية، ولمَ لا، فمن علامات التقارب، أنّ روحاني يجيد اللغة الإنجليزية، والتي أصر على عدم استخدامها أثناء اللقاء !، فهو يستخدمها فقط داخل الغرف المغلقة، وعندما يتحوّل الشيطان الأكبر إلى صديق حميم، وهو في هذا لا يبعد كثيراً عن سلفه نجاد، والذي هدد بإزالة إسرائيل من الخارطة، وفي ذات الوقت، كان تحت حمايتها أثناء زيارته للبنان !، فربما كانت إسرائيل تريد الحفاظ عليه حياً، على أمل أن يسرب لها خطته التفصيلية لمحوها من خارطة العالم !!.

السياسة قذرة، ومن سوء حظ الشعب السوري أنّ بلده كان أحد أهم الميادين التي أثبتت ذلك عملياً، وزاد من محنة السوريين أنّ المتطرفين، كحركة داعش - وهي عصابة من مساجين النظام السوري، تم الاتفاق معها على المشاركة في تشويه الثورة - لم تقصر في أداء مهمتها على أكمل وجه، خصوصاً وأنّ متطرفي الخليج ضحّوا بأبناء الآخرين لتزويدها بالمقاتلين !، وفي هذه المرحلة الحرجة، فإنّ ما يحتاجه أهلنا في سوريا هو الإغاثة الإنسانية لا غير، وهو الأمر الذي بادرت به المملكة، وأظن لسان حال السوريين الآن يقول للغرب، ولإدارة أوباما، حليفة إيران، تحديداً : لا نريدكم أن تتحركوا عسكرياً، فقط نريد منكم المساهمة في أعمال الإغاثة، وتسهيلها، فهل سيكون ذلك صعباً عليكم؟!.