من يتابع الحراك الثقافي هنا، خصوصاً ما يتعلّق بصراع التيارات الفكرية، يلحظ أن أكثر من يهاجم السلفية هم الحزبيون، خصوصاً المنتمين لتنظيم الإخوان المسلمين، وهم يتهمون السلفيين بشتى التهم، ويطلقون عليهم ألقاباً، توحي للمتابع بأنهم لا يمثّلون السلفية، فهم مثلاً يسمونهم «الجامية»، نسبة إلى الشيخ محمد أمان الجامي، وهذا تدليس، فالشيخ الجامي يعتبر سلفياً نقياً، بشهادة كبار علمائنا الأجلاء، ولا يخفى على أحد أن محاولاتهم لتشويه من يتبع الفكر السلفي، هي محاولة منهم لتجنيد الناس، وخصوصاً الشباب، لتنظيمهم الحركي، ثم إنه لا يمكن المقارنة بين السلفية، وحركات الإسلام السياسي، فالأولى منهج حياة، والثانية عبارة عن أحزاب سياسية تتلبس بالدين.
كان خير من تحدث عن السلفية هو معالي الشيخ الفاضل، صالح بن حميد، في ندوة عقدت قبل أيام، ضمن نشاطات مهرجان الجنادرية، وقد أكَّد معاليه على أن السلفية ليست جماعة ولا حزباً، ولا تكتلاً سياسياً، كما أنها لا تمثّل حقبة تاريخية معينة، بل هي منهج لا يتقيد بزمان، ولا ينحصر بمكان، وكان من أهم خصائص السلفية، حسب الشيخ صالح، أنها لا تنحصر في قضايا معينة، أو بلد معين، أو فئة معينة، ثم أكّد على أنه ليست ثمة « جماعة محصورة تمثّل هذا المنهج، وإنما يوجد أفراد وجماعات ينتمون إلى هذا المنهج، وينتسبون إليه، ويسعون لتحقيق منهج السلف الصالح»، ثم قال إن «منهج السلف الصالح، ومبادئه لم يولّدها فكر بشري، ولا ظرف تاريخي، ولا اجتهاد مجتهد، بل عمادها الكتاب والسنّة، مؤكداً أهمية لزوم اتّباع الكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة الثابتة، والحذر من اتباع الهوى والبدع، بجانب العناية بلزوم الجماعة والسمع والطاعة بالمعروف في المنشط والمكره، وضرورة تقديمها، مهما أحلولكت الظروف، وأظلمت الدروب»، وفي تقديري أن معاليه لخص مفهوم السلفية بأوجز العبارات، وأكثرها صدقاً، ووضوحاً.
الغريب أن أنصار الإسلام السياسي ينتقدون السلفية، مع أنها منهج عماده الكتاب، والسنة، كما ذكر الشيخ ابن حميد، وفي ذات الوقت يستميتون في الدفاع عن تنظيم الإخوان، وذلك على رغم المخالفات العقدية التي تكتنف أدبيات التنظيم من جهة، ورغم أن مرجعيته هي المرشد العام!! إذ لا يستطيع المنتمي للتنظيم مخالفة توجيهات المرشد، مهما تعارضت مع الدين، ومع مصالح الأوطان، والعباد، ومن هنا فإننا نتمنى على أهل العلم، أمثال الشيخ ابن حميد، أن يتوسعوا في الحديث عن هذه القضايا الهامة، كما نتمنى على وسائل الإعلام المحلية، وخصوصاً تلفزيوننا العزيز، أن تتم استضافة السلفيين الأنقياء من علمائنا الأفاضل، فمن المؤسف أن معظم من تتم استضافتهم في إعلامنا المحلي هم من الحزبيين، والذين ينتقدون المنهج السلفي النقي جهاراً، نهاراً، فهل يا ترى نرى التفاتة جادة لإعلامنا المحلي، فقد بلغ السيل الزبى، وإننا لمنتظرون!!