عند عبورك طريق الملك عبد الله بمدينة بريدة، وبعد أن تتجاوز دوار المئوية أمام مبنى إمارة منطقة القصيم باتجاه الشمال، وعلى بعد مئات الأمتار وليس الكيلومترات، تفاجأ على ذات الشارع وعلى مقربة من شرطة منطقة القصيم بأكثر من ستين برجا سكنيا مهجورا، تقادم عليها العهد حتى تحولت إلى أبراج جاذبة للأشباح منذ صدرت الأوامر بإيقاف بنائها قبل أكثر من خمس سنوات، بتوصية من الدفاع المدني وقرار من أمانة منطقة القصيم وتحديداً في 8-4-1430هـ.
ولأن الأبراج تحتل موقعا استراتيجيا كونها تقع على طريق رئيس من أكبر طرق المدينة ويخترق أكبر أحياء بريدة مثل الصفراء والفايزية، فقد ظلت وإلى اليوم مثار تساؤلات واستفسارات لكل من يمر في هذا الطريق وما أكثرهم، ولا أبالغ إذا ما أكدت على أن كل سكان بريدة وزوارها يمرون في هذا الطريق، وربما كل واحد منهم يطرح عشرات الأسئلة عن أوجه الغموض في هذه المشكلة المعلقة!
أول سؤال ربما يتبادر إلى ذهن كل من لا يعرف شيئا عن حقيقة أبراج الأشباح في بريدة لماذا هذه الأبراج مهجورة؟ ثم تأتي تساؤلات لا حصر لها منها على سبيل المثال أسئلة تتعلق بالجهات التي أوقفت المشروع، وأسئلة عن المدى الزمني منذ أوقفت عمليات البناء، وهل من المصلحة العامة ترك هذه الأبراج المهجورة دون حسم خاصة إذا علمنا أنها تشوه وجه المدينة، وتخلق بيئة غير صحية بتحولها التلقائي إلى مأوى للحيوانات السائبة والحشرات والقوارض؟
وضع الأبراج السيئ حالياً دفعني لمعرفة تفاصيل أكثر عنها لعلنا نسهم في سرعة حل هذه الموضوع ولو من باب رفع النداءات المتواصلة للمسؤولين في المنطقة على أمل ولعل وعسى تحقيقا للصالح العام وليس من أجل فلان وعلان!
فهمت من متابعتي لما كتب أن هذه الأبراج الواقعة بالتحديد شمال مسجد الراجحي عددها 61 برجا، بدأت عمليات البناء فيها قبل ثماني سنوات تقريبا، وأن صاحب المشروع قد بدأ التنفيذ دون الحصول على تصاريح بناء، يعني بوضوح الأخوة في الأمانة كانوا نائمين في العسل، وكان بإمكان المقاولين إنهاء المشروع دون أن يتنبه أحد لولا أنه في عام 1429 نشب حريق في أحد الأبراج فبادر الدفاع المدني حينها لرفع خطاب للأمانة، مطالبا إياها بإيقاف المشروع لعدم توافر شروط السلامة فيها ومنها مخارج الطوارئ، ومنذ ذلك الوقت أوقف العمل بالمشروع إلى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه المقالة.
شخصيا لا أعرف صاحب الأبراج، ولا أقف مع أمانة المنطقة إن كانت قد أخطأت بعدم منح التصريح لذلك سأقف تماما مع المصلحة العامة التي تقتضي سرعة المعالجة، فكل خطأ إنشائي يمكن معالجته حتى ولو أدى الأمر لإزالة الأبراج وتسويتها بالأرض، أما تركها بهذه الصورة فأعتقد أنه وضع لا يرضي أي إنسان يستشعر المسؤولية ويدرك مقتضيات المصلحة العامة لا الشخصية الضيقة!
على عاتق أمانة منطقة القصيم تقع مسؤولية جسيمة، وعليها المبادرة بالحلول بدلا من هذا البرود العجيب المستفز لمشاعر الناس، خاصة أني علمت باهتمام سمو أمير منطقة القصيم وسمو نائبه وتوجيههما للأمانة بحل سريع وعملي.. فهل نسعد قريبا بطرد الأشباح من تلك الأبراج؟