لم أجد أحداً - حسب علمي - قد كتب عن مفسري الرؤى والأحلام في عصرنا المضطرب، على سبيل النقد، كما كتبتُ، وإصداري (العاشر) الجديد، بإذن الله، يُصدّق ذلك أو يكذبه، إذ يحوي مقالاتي كلها، هنا وهناك، عن هذه (الفئة الفالة) التي لن أبالغ، إذا قلتُ إن الشيطان الرجيم، لعب في عقلها واستحوذ عليها، بل أحكم قبضته على مفاصلها، السمعية والبصرية، إلا (ما ندر) وهذا النادر، هم من سار وفق تعاليم الشرع وضوابطه، التي تحكم هذا العلم، معايير هذه (الفئة الفالة) التي تسير وفقها في الركض خلف تفسير الرؤى والأحلام، ، ثلاثة، لا غير (حب المال، وحب الشهرة) هذا الثنائي الشيطاني، هو من أعمى بصيرة هذه (الفئة الفالة) وجعلها تضرب دون أن تسمي في أقوالها ودعاويها غير الموزونة، حتى برز على السطح، مشكلة لم نعهدها من قبل، كاد علم تفسير الرؤى والأحلام، أن تنشأ له، أكاديميات، ومعاهد، وعيادات، وفق ما طالب به بعض مدعي هذا العلم، قلتُ في إحدى مقالاتي عن هؤلاء الأدعياء، أنني لا أنكر علم تفسير الرؤى والأحلام، من حيث المبدأ، ولا يجوز لي ذلك البتة، كيف لا! وقد ورد ذكره في كتاب الله في قصة يوسف عليه السلام، وألّف في ذلك الجانب، بعض العلماء، كابن سيرين رحمه الله، لكن المصيبة التي وقع فيها أصحاب (الفئة الفالة) أنهم أخذوا طرفاً من مجريات هذا العلم، وطفقوا ينسجون من خيالاتهم، القصص والروايات، التي يُركّبونها ويفبركونها، لتتناغم مع أهوائهم وخبالاتهم، باتوا كالمخبولين يتفاخرون، ويتسابقون، وينال أحدهم من الآخر، في محاولة لانتقاصه، وهكذا دواليك، دخل هذا المجال الموحش، فئام تصيبك رعشة ومغص، متى ما وقفت على مؤهلهم العلمي المتدني، ونحن نعلم أن من شروط المفسر، أن يكون لديه مؤهل شرعي، أما دون ذلك، فالأحسن به - في نظري - أن يكون بائعاً في سوق الخضار! كما قال بذلك أحد الفضلاء في معرض رده على بعض المهرطقين ممن أجاز الطرب والغناء، لم أكن في الواقع، لأعود مرة أخرى للكتابة عن هذه (الفئة الفالة) لولا قصة (لمى الروقي) رحمها الله وصبّر ذويها على فقدها، هذه المصيبة أحدثت ضجيجاً داخل المجتمع بين شد وجذب، وانتقاد حاد للدفاع المدني وآلياته، مما أتاح الفرصة، للقراصنة والمرتزقة، المتربصين، على الطرف الآخر، والمثل (يقول جاك يا مهنا ما تمنى) بدأت هذه (الفئة الفالة) تلعب لعبتها، يوم أن ظنت بخيالها المريض، أنها فرصة لا تعوض، تُحرك بها آلياتها المتوقة بعض الوقت، قام بعض أفراد هذه (الفئة الفالة) يترقب مجريات البحث عن (لمى الروقي) من بعيد، فلمّا رأى البعض في (تويتر) يجلد الدفاع المدني، ويتهمه بالتقصير، ويسخر منه وإمكاناته وأفراده، برز معه أفراد آخرون، من هذه (الفئة الفالة) من خلال وسائل عدة، بزعمهم، أنهم في صف الساخرين والناقمين، وأنهم سيخلطون أوراق القضية، لتكون في النهاية في صالحهم، فادعى أحد المفسرين الأدعياء، الذي يحمل شهادة دكتوراه مزورة، كما في (هلكوني) قال، أن (لمى الروقي) لم تسقط أصلاً في البئر، وإنما خطفها (جني) وهي موجودة في معطن إبل أو حظيرة ماشية، ونافسه آخر دعيّ، فقال هي في مزرعة في جهة الشرق من البئر، هذه بعض دعاواهم المضللة، ولو لم يعثر الدفاع المدني على جزء من جثتها، لرأيتم العجب والعجاب من هؤلاء الدجالين المهووسين بحب ذواتهم، لكن رجال الدفاع المدني، أوقعوا هؤلاء الدجاجلة، في (الفخ) وقطعوا عليهم الطريق، وفضحوهم على رؤوس الخلائق، ولعلكم تذكرون مفسر الرؤى والأحلام، الذي زعم، أن المملكة بحاجة إلى مئة ألف مفسر أحلام، وليس لدينا إلا ثمانية، كما يقول، لا يفون بالغرض والحاجة، وأن كبار المسئولين في الدولة يتحرجون، يعني (يستحون) فلا بد من الذهاب لهم في (الليالي المظلمة) وقضاء حوائجهم الإنسانية، هكذا يتفوهون دون استحياء ولا خجل، وإذا كنتُ مسخراً قلمي في الحرب عليهم وعلى أعوانهم من قنوات الدجل الفضائية، وشركات الاتصالات، فإني أستند على حقائق ثابتة، ولعل أقرب مذكور دجلهم في شأن (لمى الروقي) فهل بعد هذا كله، نجد من يصدقهم من العامة والدهماء والسذج، الذين في الواقع، هم زبائنهم على الدوام، نملأ بطوننا بالمفطحات والأكلات الثقيلة، ثم ننام، فتبدأ الكوابيس والأحلام المزعجة تحاصرنا، وهي لا تعدو أضغاث أحلام، فيبدأ سيناريو ملاحقة الدجالين، أدعياء تفسير الرؤى والأحلام، الذين يفرحون ويرقصون، إذ جاءتهم بضاعتهم راغمة وهم على أرائكهم، ويبدؤون باقتناص زبائنهم، الذين يتساقطون بين أحضانهم، أكثرهم من النساء، وعلماؤنا الأجلاء، حذروا من مغبة الولوج في هذا الباب، لخطورته، وقد أكد ذلك أعضاء هيئة كبار العلماء، بفتواهم رقم (25562) وتاريخ 30-11-1433هـ التي جاء فيها، أنه لا يجوز أن ينصب المفسر نفسه لتعبير الرؤى، ويتطلع إليها عبر المجالس والشاشات الإعلامية وغيرها، وأكدوا أن تعبير الرؤى، ليس من العلم العام الذي يحسن نشره بين الناس، وأه يجب على ولي الأمر، غلق باب التلاعب بتعبير الرؤيا، ومنع من لا يتقيد بالآداب الشرعية المتعلقة بهذا الخصوص، وعلى وسائل الإعلام، عدم تخصيص برامج خاصة بتعبير الرؤى والتي في الغالب لا تفيد المتلقي بوجه عام، وإنما تكون الفائدة إن وجدت مقتصرة على صاحب الرؤيا، إضافة إلى ما يحصل في تلك البرامج من تجاوزات شرعية، تعود بالضرر على الفرد والمجتمع، ومن ذلك تعلق الناس بها واعتمادهم عليها، وضعف التوكل على الله والإيمان بالقضاء والقدر، وإشاعة الظنون السيئة وإثارة النزاعات، والريبة بين الأقارب والأرحام، وطالبوا بمنع هذه الوسائل الإعلامية من الترويج للمعبرين، وإعلان أرقام هواتفهم وعناوينهم، بقي القول، حكمي في مفسري الرؤى والأحلام في هذا العصر، باق، يوازي، حكم الشافعي رحمه الله، في أهل الكلام، وأنتم تعرفونه...ودمتم بخير.