نحن في المملكة - ولله الحمد والمنّة- نعيش في أمن ورخاء واستقرار، ذلك كلّه بفضل الله، ثم بما أفاء على هذا البلاد الطيبة، من ينابيع الخير المتفجرة التي تزدهر عاماً بعد عام، يدعمها ويحفظها، بعد الله، تمسك هذه البلاد وقيادتها وأهلها، بدينها وأخلاقها، مع شكرها لهذه النعمة الوفيرة، قيادتنا الرشيدة، بعد الله، هي من كان خلف، كل ما ننعم به من خير ونمو وازدهار، لم يقتصر خيرها على هذا البلد الأمين، بل تعداه إلى الأباعد هنا وهناك، مما كان سبباً مباشراً لديمومة هذا الكيان وحفظه ورسوخه شامخاً، تتحطّم أمامه، أماني الشياطين الحاقدين، دولتنا عزيزة بدينها، وفقها الله بهذه (الأسرة الحاكمة) الرحيمة التي لا تفتأ في تأمين سبل العيش الرغيد، لمن على أرضها من مواطنيها، تضيق ذرعاً عندما تعلم أن ثمة من تحاصره الظروف القاسية، تبذل الغالي والنفيس من أجل راحة هذا الشعب الطيب، وقادتها الشرفاء الأوفياء، يمتعضون عندما يعلمون بوجود من تحاصره الدنيا بظروفها القاسية، في هذه المقالة الخاطفة أبى قلمي إلا أن يطرق باباً من أبواب الخير بإذن الله، كثيراً ما تردّدت في طرحه، خشية أن أتهم بما أنا منه بريء، قضية في الحقيقة تؤرقني، وتؤرق الكثير من غيري، وخاصة ربّات البيوت، أمهاتنا وزوجاتنا، ينظرن في نهاية كل شهر، إلى رواتبنا، ونحن يغلبنا (الشح والبخل) عليهن، بالكاد أن نتصدق عليهن بالملاليم، التي لا تساوي شيئاً أمام ما بذلنه من جهود كبيرة داخل المنزل من الطبخ والنفخ، ومع أفراد الأسرة، أدوارهن لا ينكرها، إلا معدوم الضمير والإحساس، يربّين أبناء أسرهن ويقمن في الغالب بتدريس أبنائهن في ظل سرحان رب المنزل، عليهن مسؤوليات لا يستطيع هذا رب المنزل، أن يقوم بها أو بعضها، مهما حاول، لكون الخالق فطرهن وحدهن دون غيرهن، للقيام بمسئوليات مخصوصة، تتعلق بتربية النشء، وإعداده، كعتاد قوي للأمة، تتحقق على سواعده آمالها، وتقضي بسببه على آلامها، والشاعر الفصيح قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
لكن ياجماعة الخير، لنقف ولو (برهة) مع الاحتياجات الضرورية والملحة لهذه المسكينة (ربّة البيت) هي مثلي ومثلك، لها حاجات بل وحاجات خاصة، تلزمها لوحدها، الضرورة دون الترف، تقتضي منحها (راتباً) شهرياً يغنيها عن السؤال، ويؤمّن سلامتهن من المحاذير اللاأخلاقية، التي بسبب المال تُبتز بعضهن، بعضهن، أزواجهن فقراء، بالكاد يجدون ما يسدّ رمقهم من الجوع، فضلا عن حاجات المنزل الضرورية من المأكل والمشرب والمسكن، هؤلاء النسوة المسكينات (المحبوسات في البيوت) يحتجن مالاً يستعملنه في سداد الفواتير وشراء المستلزمات الضرورية لهن، يحتجن (دريهمات) ليس للترف، بل للحاجة، ولئلا يتم استغلال حاجاتهن في مآرب معكوسة، سمعنا ورأينا من يطلبن الكفاف والعفاف، بما تيسر من الميسورين والجمعيات الخيرية، الذي إن حصل، حصل بالقطارة، فهذه المحبوسة، تجدها، إما مع فقير معدم، أو مع زوج شحيح، أو تجدها مطلقة، أو معلقة، أو أرملة لديها مسؤوليات الله أعلم بها، يا جماعة الخير، ويا أهل الخير، في دولة الخير، ربّات بيوتكن يصرخن، الغوث، الغوث، الحقوهن، وأغيثوهن، يُكتب لكم أجرهن، دولتنا -ولله الحمد- أغنى دولة في هذا الكوكب، لن تستكثر حفنة من الدراهم، على أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا وخالاتنا وعماتنا؟! ربات البيوت بهذا المعنى، لا يعملن البتة، ينتظرن شفقة قيادتنا الرشيدة، بأن تنظر إليهن نظرة رحمة ورأفة، وتقرر لهن راتباً شهرياً، كباقي أبناء وبنات هذا الوطن الغالي، يُقرّر هذا الراتب، وفق آلية وشروط منضبطة، هذا الراتب لن يكلّف الميزانية أعباء، تئن منها، يُشترط لمنح هذا الراتب، لمن هي ربّة بيت بالفعل، ولا تعمل، وبذلك نكسب عصفورين بحجر واحد، شجعنا ربّات البيوت للمكوث في بيوتهن، لتربية أبنائهن، التربية الحسنة، ونكون قد كففنا وعففنا، هذه المسكينة، عن السؤال والنظر بما لدى الغير، لن أعوّل على وزارة الشئون الاجتماعية، بقدر ما أعوّلُ على صاحب القلب الكبير، والد الجميع، مليكنا الغالي، بأن ينظر في حال هؤلاء المسكينات، ويفيض عليهن من كرمه وجوده، ويعلنها مدوية تصدع بها جهات مملكتنا الغالية من أقصاها إلى أقصاها، يعلنها - أطال الله في عمره - مكرمة من مكارمه الحانية على شعبه، خادم الحرمين الشريفين، حرّم الله وجهك على النار، ربّات بيوتنا الكريمات، يناشدنك ويسترحمنك، ويستلطفنك، ويتقن لأمرك الكريم، بصرف راتب شهري لهن، يحل مشاكلهن، وكلهن أمل، بأن يقق الله على يديك السخيتين، ما ينشدنه.. ودمتم بخير.