مع بداية شهر رجب من كل عام يترك مقاعد الوظيفة العامة بعض عناصرها بسبب بلوغ السن النظامية للإحالة إلى التقاعد. وتتسابق الوزارات والمصالح الحكومية في قطاعاتها المختلفة من خلال مبادرات الشكر والتقدير لتكريم أولئك المتقاعدين تقديراً لما قضوه من سنوات العمر الطويلة في خدمة وطنهم ومواطنيهم.. إلا أن ما يؤسف له، وهو جدير بالعناية والاهتمام وإعادة النظر فيه، هو ما يتعلق ببعض هؤلاء من أولئك المعروفين بكفاءتهم ونجاحهم في أعمالهم؛ فيكون تركهم لوظائفهم خسارة للوطن، وبخاصة لقطاعاتهم التي يعملون فيها؛ الأمر الذي يتطلب النظر بجدية في إبقاء من تكون الحاجة إلى كفاءته وقدراته والتعاقد معه ولو لخمس سنوات متى ما كان راغباً، وظروفه الصحية تمكنه من ذلك. إن البلد لا يزال، وسيظل، في أمسّ الحاجة إلى القادرين المتميزين من أبنائه للمساهمة في مسيرة ذلك النماء والتطوُّر غير المسبوق. ولعل الأكثرية من هؤلاء ربما كانوا من العسكريين؛ إذ الإحالة إلى التقاعد قد تأتي في سن مبكرة في أحيان كثيرة، ولا يخفى أن بعض هؤلاء تلقى المزيد من فرص التعليم والتدريب داخل البلاد وخارجها وهم على رأس العمل؛ ما يؤهلهم لتقديم أوفى الخدمات لوطنهم. ومثل هؤلاء ممن ينبغي استثمار قدراتهم وخبراتهم بعد التقاعد في مختلف القطاعات العامة والخاصة. إن الوطن يجتاز مرحلة هي الأشد في الكم والكيف في تاريخ تلك المرحلة من النهوض والتطور، التي أتت بما لا يلحقه الوصف من مشاريع البناء والتعمير بفضل الله، ثم بفضل حسن القيادة والريادة لقادة البلاد الأوفياء المخلصين.