أيمكن أن تكون فقرة وردت في تقرير الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها عن وجود نقص في عدد بيض الحبارى الذي فقس أو لم يفقس، أمراً يستحق نقاش أعضاء مجلس الشورى ويدخلهم في مداولات ساخنة استغرقت وقتاً ليس بالقليل، ويصرفهم عما أهم وأجدر باجتراح الحلول لقضايا كثيرة ساخنة ومزمنة ينتظر الرأي العام منهم اهتمام المجلس بها ومتابعتها في مصادر صناعة القرار، لإنجاز ما يستحق أن يدوّن في تاريخ المجلس من قرارات تساعد على حلحلة كثير من الأزمات وجعلها تاريخاً ماضياً؟!
ألم يجد المجلس الموقر ما هو أجدر بالنقاش من تفقيس بيض الحبارى؟!
وهل يمكن أن تضيِّع هذه النخبة المختارة من عقول الوطن وقتها في البحث عن الضائع والمفقود من هذا البيض، أو عن فشل خطة تكاثر هذا النوع من الطيور بعد فقدان ما يزيد على ألف بيضة لا يُعلم أين هي؟ امتدت إليها يد متطفلة؟ أم بيئة مناخية غير مناسبة؟ أم إهمال وعدم رعاية؟!
إن ثمة ما هو أحق بالمداولة وإطالة النقاش وتوليد الأفكار الناجعة لوضع الحلول المناسبة ومعالجة أدواء الإهمال أو عدم الإخلاص في أداء المسؤولية الوطنية أو ضعف الإنتاج، بعيداً عن الصور الملونة لبعض المشروعات في المطبوعات الدعائية، فأمام المجلس الموقر حزمة مما سيضيق به وقته من هموم الناس تحتاج إلى إفراغ طاقات أعضائه في دراستها وتيسير حلول لها!.
ألا يقلق المجلس الموقر من ازدياد نسب البطالة بين الجنسين، حتى أدرج حافز حملة الشهادات العليا ضمن من يستحق الدعم المحدود المشروط المؤقت إلى أن تتيسر أية وظيفة كانت لحامل الماجستير مثلاً!
وللمجلس الموقر أن يتخيل ما سيحدث غداً أو بعد غدٍ حينما يعود أكثر من مائة وستين ألفاً من طلابنا المبتعثين وهم يحملون شهادات متميزة في تخصصات مختلفة من البكالوريوس إلى الماجستير إلى الدكتوراه، أين يمكن أن نجد لهم فرصاً وظيفية مناسبة؟.. وحتى لو وجدت فرص لما يقرب من 30% منهم أين سيذهب الباقون؟!
أيعقل أن يدور حامل الماجستير أو الدكتوراه في الطب أو الكيمياء أو الهندسة أو غيرها، أو من يحمل شهادة عليا في قيادة الطائرات من معاهد متخصصة ولا يجد له فرصة وظيفية مناسبة، بينما تعج جامعاتنا ومؤسساتنا وطائراتنا بأعداد مهولة من الجنسيات العربية وغيرها؟!
أليس في هذا الجانب خلل يستحق النقاش من أعضاء المجلس ويساعد الجهات المختصة على التنسيق بينها ووضع رؤى مشتركة لعدم وجود ازدواجية في المعايير أو في شروط التعاقد أو في التعرف على الوظائف الشاغرة وإشغالها بأبناء وبنات البلاد؟!
ألا يقلق المجلس الموقر من تدني دخول من يشملهم الضمان الاجتماعي من المسنين والعجزة والأرامل والمطلقات، وكذلك تدني دخول عدد كبير من المتقاعدين؟!
ألا يقلق من تدني مكافآت الطلاب في الداخل والخارج؟!
ألا يجد ما يستحق النقاش في أزمات المواصلات في الطيران وفي القطارات وفي الخطوط الداخلية والخارجية؟!
أيغفل المجلس الموقر عن متابعة ما يعلن عنه ولا ينفذ من مشروعات كبيرة من حيث التصميم والاعتماد المالي في قطاعات الصحة والطرق والأمانات والتعليم والإسكان وغيره، ولكنها تتعثّر ولا يُنفذ منها في كل ميزانية إلا بنسب تصل إلى النصف أو يزيد قليلاً تتفاوت من وزارة إلى أخرى؟!
ألا يمكن أن يُعالج المجلس باتقاد أذهان أعضائه المحترمين ووطنيتهم التي لا أحد يمكن أن يداخله شكٌ فيها قضية تطوير الأجهزة الأمنية، سواء ما يتصل منها بالأمن الداخلي أو الجيش، واقتراح أن يستوعب هذان القطاعان الكبيران حينما يتوسع التوظيف فيهما طاقات هائلة من شبابنا مهيئين لخدمة وطنهم وحمايته والذود عنه؟!
سيجد أعضاء المجلس المحترمون في هذه القضايا الوطنية الكبيرة حتماً ما يستحق النقاش والمداولة وإشغال أوقات جلساتهم فيها أكثر نفاسة وأعلى قيمة وأقرب إلى رضا القيادة واطمئنان المواطنين من البحث العميق عن بيض الحبارى المفقس، أو غير المفقس!.